توقيت القاهرة المحلي 22:38:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اختفاء الصدر بين السياسة وتغييب الإنسانية

  مصر اليوم -

اختفاء الصدر بين السياسة وتغييب الإنسانية

بقلم - جبريل العبيدي

بعيداً عن أي حالة للابتزاز السياسي والشعارات المختلفة من الطرفين؛ الليبي واللبناني، فإنَّ قضية تغييب الإمام الصدر قضية إنسانية بحتة، فالرجل اختفى في ظروف غامضة للغاية منذ أكثر من أربعين عاماً، ويكاد يختفي جميع معالم ما حدث، من دون معرفة مصير الرجل المختفي، وإن كان أغلب الأخبار شبه المؤكدة أنه قضى نحبه مع رفيقيه في آخر زيارة له إلى ليبيا، إلا إن مكان قبره لا يزال سراً غامضاً كما هي الحال مع قبر القذافي.

الرواية الليبية في زمن القذافي تقول إن السيد الإمام موسى الصدر غادر ليبيا إلى إيطاليا؛ وتحديداً روما، وفعلاً كان اسمه مع رفيقيه في قائمة الطائرة التي حطت بمطار روما. كما وجدت ملابسه وحاجياته في أحد الفنادق بالعاصمة الإيطالية، وثبت حجزه غرفة ومرافقيه في ذلك الفندق، إلا إن الجانب اللبناني رفض الرواية الليبية وكذّبها، وقال إن ثمة من غادر يحمل جواز سفر الإمام متنكراً في ثيابه وهيئته.

الروايات مختلفة متناقضة بين الطرفين؛ الليبي، واللبناني المتبني قميص ودم الإمام، وكانت الحوارات بينهما شبه مقطوعة، ورفض كل طرف الاستماع للطرف الآخر، لدرجة أن القذافي اتهم «حزب الله» والسيد نصر الله بأنهم هم المستفيد من اختفاء «الصديق» الإمام الصدر؛ كما وصفه القذافي.

المشكلة أن الجميع لا يزال لا يريد وغير مستعد للكشف عن الحقيقة أوالقبول بها من حيث الواقعية، فالسياسيون الشيعة لديهم قناعات ثابتة تتعلق بعدم وفاة الصدر، وأنّه لا يزال يُنقل من سجن إلى آخر منذ اختفائه؛ الأمر غير المقبول، خصوصاً أن من يحكم ليبيا اليوم هم خصوم القذافي وليسوا أنصاره ليستمر إخفاء الصدر بهذا الشكل.

حتى أسرة الإمام ترى أنه «لا يزال حيّاً مسجوناً» كما صرحت ابنته وشقيقته التي ذكرت أن هناك دولاً إقليمية وراء إخفاء الصدر، لتفتح الباب أوسع وراء التكهنات.

ولكن الحقيقة التي يتجاهلها كثيرون هي أن جميع من لهم علاقة بملف اختفاء الصدر موجودون وخارج السلطة، ويمكن ملاحقتهم لمعرفة مصير الإمام؛ بدءاً من الجانب الليبي السيد عبد السلام جلود (رئيس وزراء ليبيا الأسبق آنذاك) الذي خرج علينا في مذكراته «الملحمة» ليقول إن القذافي «غدر» بموسى الصدر. بينما يبقى الجانب اللبناني؛ السيد حسن نصر الله المتهم بأنه المستفيد من خلافة الصدر.

ولكن الحقيقة أن السيد جلود هو المسؤول الأول قانوناً؛ لأنه كان رئيساً للحكومة الليبية وقت الواقعة، والتي دعت الإمام الصدر إلى زيارة ليبيا، ولكن كانت لجلود رواية مختلفة في مذكراته «الملحمة»، حيث يرى أنها «غدر» من القذافي، الذي دعا الإمام لحضور «احتفالات الفاتح 1979» ثم «غدر» به، وفق رواية جلود، التي اتخذ منها منطلقاً لتبرئة نفسه وحكومته من دم الإمام.

ولكن مثلما قضية اختفاء وتغييب الإمام موسى الصدر قضية إنسانية، يجب ألا تخضع للابتزاز السياسي والمتاجرة بدمه؛ كذلك يجب أن ينظر لقضية اعتقال نجل القذافي هانيبال واتهامه في قضية موسى الصدر وهو كان طفلاً لا يتجاوز عمره السنتين حين اختفى الإمام الصدر، مما يجعل منه رهينة سياسية... لا تليق بالحكومة اللبنانية والقضاء اللبناني الاستمرار فيها تحت أي ذريعة.

السيد نبيه بري، من جانبه، كرر القول إن «هدف تحرير الإمام ورفيقيه هو الهدف المقدس، وهو التزام دائم منّي وفي عنقي بصفتي رئيساً لـ(حركة أمل) ورئيساً للسلطة التشريعية». مما يعني أنه هو الآخر لا يزال يعتقد أن الصدر ما زال حياً بعد كل هذه السنوات الطوال.

بعيداً عن الجدل والخصام والابتزاز السياسي بين القذافي وبري، يبقى ملف قضية الإمام الصدر ملفاً إنسانياً بحتاً بالدرجة الأولى، ويحتاج إلى لجنة تحقيق عربية - إسلامية محايدة لتنهي هذا الملف، خصوصاً أن الشخوص المرتبطين بالملف ليسوا في أي موقع سلطوي الآن، ويمكن مساءلتهم؛ بدءاً من السيد عبد السلام جلود.

الإبقاء على نجل القذافي؛ هانيبال، رهن الاعتقال من دون محاكمة طيلة 8 سنوات في قضية ارتُكبت وعمره عامان، يجعل من يرقب المشهد ينفر مما يحدث، ويعدّه ظلماً صارخاً، وانتقاماً سياسياً في ثوب أخذ الثأر من الابن (هانيبال) بعد موت الأب (القذافي)؛ الأمر الذي لا يليق بدولة مدنية مثل لبنان.

وفي ظل استمرار التعنت من قبل الطرفين؛ الليبي واللبناني، سيبقى ملف الإمام مغيباً ما دام ضمن مستندات الابتزاز السياسي، وليس ضمن الملفات الإنسانية. ورحم الله الإمام موسى الصدر حياً كان أو ميتاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختفاء الصدر بين السياسة وتغييب الإنسانية اختفاء الصدر بين السياسة وتغييب الإنسانية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon