بقلم: د. جبريل العبيدي
تسريبات أسرار خيمة القذافي الأخيرة لزيارة وفد إخواني كويتي ضم النائب الكويتي السابق مبارك الدويلة، وهو قيادي في الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوانية) في الكويت، والسياسي حاكم المطيري، أظهرت كيف نسجوا فيها خطط التآمر مع القذافي لإسقاط أنظمة الحكم في الخليج بعد إحداث حالة من الفوضى.
لقد كشفت فضيحة تسجيلات خيمة القذافي، تورط النائب الكويتي السابق فايز البغيلي والقيادي الإخواني والنائب السابق الدويلة الذي ادعى أن اجتماعهم في خيمة القذافي «كان بعلم الخارجية الكويتية، وفي الخيمة طرح القذافي فكرة استخدام القبائل لزعزعة أمن الخليج، وقد (اضطررنا لمجاراته) في حديثه لطمأنته ومعرفة ما وراءه، وبصراحة لم نجرؤ على معارضته ونحن معه بالخيمة»، بينما أنكر البغيلي حضوره الاجتماع بل وأنكر أنه ينتمي لتنظيم الإخوان؛ التقية السياسية المعهودة عند الجماعة حين يكشف ويفتضح أمرهم.
تصريحات الدويلة دفعت بوزير شؤون الديوان الأميري الكويتي بالقول إن «ما جاء في لقاء الدويلة، حول نقله ما دار بينه وبين القذافي، من تآمر لنشر الفوضى في منطقة الخليج، لا علاقة للكويت به وغير صحيح البتة، ويعتبر محض تقوّل وافتراء».
التسريبات فتحت باب أسئلة عن تاريخ العلاقة القديمة المتجددة بين تنظيم «الإخوان» والقذافي الناصري الهوى سياسياً والاشتراكي اقتصادياً والصوفي دينياً في طفولته. كيف تفسر علاقته بجماعة تنظيم «الإخوان» ولو عاطفياً، أم أن هذه ترهات أطلقها معارضوه؟ كيف وهو من زج بقيادات «الإخوان» في ليبيا بالسجون؟ فالمستغرب ليس علاقة التنظيم بالقذافي فهو تنظيم براغماتي ميكافيللي، ولكن المستغرب علاقة الناصري الاشتراكي القذافي بهذه الجماعة.
علاقة القذافي بتنظيم «الإخوان» ليست وليدة مشروع ليبيا الغد 2007 الذي تبناه ابنه سيف الإسلام بالشراكة مع جماعة «الإخوان»، فقد سبق للقذافي الأب أن كانت له علاقة بالجماعة في عهد خصومته بالرئيس المصري الراحل السادات.
فحالة الغزل والتقارب والتباعد بينهما كانت سيدة الموقف، إذ سبق أن اعترف بعض ممن تورطوا في أعمال تخريبية في مصر من جماعة «الإخوان» في عهد السادات بتمويل القذافي لهم، كما أكدت وثائق وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) المرفوع عنها السرية والتي كشفت أن جماعة «الإخوان المسلمين» تلقت دعماً بالمال والسلاح من العقيد الليبي معمر القذافي، لإسقاط نظام الرئيس السادات.
جماعة «الإخوان» سبق أن تغزلت بكتاب القذافي «الكتاب الأخضر»، بل قالت إنه اقتبس فكرة النظرية العالمية الثالثة من كتبهم ومن أقوال مفكري «الإخوان»، «فالتقارب الفكري هذا قد يكون حجر الزاوية بين الجماعة والقذافي».
عراب الجماعة في ليبيا والملاحق بتهم الإرهاب من الرباعية العربية علي الصلابي، هو من أسس ورسم خطوط العلاقة وأوجد قنوات تواصل بين خيمة القذافي ومكتب المرشد.
خيمة القذافي توافد عليها كثير من جماعة «الإخوان»، خصوصاً من الخليج؛ ومنهم طارق السويدان، كما استخدم القذافي بعضهم في خلافه الخليجي؛ ومنهم مدرس الفيزياء محمد المسعري والطبيب الجراح السعودي سعد الفقيه مؤسس جماعة متطرفة إخوانية الفكر هي «الحركة الإسلامية للإصلاح» دعمها القذافي بتمويل إذاعة معادية للسعودية، ومن الملاحظ أن كليهما لا علاقة له بعلم الفقه والشريعة، فالأول مدرس فيزياء والثاني طبيب، ولكن هذا ديدن تنظيم «الإخوان»، فقد كان آخر مرشد لهم بديع يدرس الطب البيطري في جامعة الزقازيق، ومحمد مرسي كان يدرس هندسة كهربائية في إحدى الجامعات.
علاقة القذافي بجماعة «الإخوان» علاقة تبادل وتقاطع مصالح بدأت في السبعينات، حيث استخدمهم لضرب خصومه، وانتهت بعد أن احتضنهم تدريجياً، فقتلوه وباعوا حتى خيمته التي كثيراً ما جمعتهم في ليالي سهر وسمر... وتآمر.