توقيت القاهرة المحلي 21:08:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا والدستور والثلث المعطل

  مصر اليوم -

ليبيا والدستور والثلث المعطل

بقلم - د. جبريل العبيدي

ليبيا تشهد مخاضا عسيرا لـ7 سنين عجاف، للتوافق على دستور وطني، يعتبر بمثابة عقد اجتماعي يحقق السلم المجتمعي، في حين كانت ليبيا زمن الاستقلال تنعم بدستور كتبه الآباء المؤسسون، كان من بين أفضل الدساتير في حينها 1951، حيث كفل حق المواطنة كاملا غير منقوص، وحفظ عروبة ليبيا وهويتها قبل أن يُعطل العمل به عام 1969، إذ كانت البلاد تُحكم بما سمي بـ«الشرعية الثورية» و«النظام الجماهيري» و«النظرية العالمية الثالثة» المتمثلة في الكتاب الأخضر، عكس إرادة الجماهير.

وعلى الرغم من أن حراك فبراير قد انتقى وأخذ العلم والنشيد شعارا له من دستور الاستقلال، فإن جماعة الإخوان التي قفزت إلى قيادة الحراك في فبراير 2011، استطاعت خداع كثيرين بكتابة إعلان دستوري بديل بحبر إخواني يخدم مشروع التنظيم والجماعة الضالة، ورفضت العودة إلى دستور الاستقلال، الذي لم يلغه القذافي، بل إنه في خطابه الأخير استشهد به، وحمل أوراقه بين يديه ملوحا للشعب بأن الدستور والقانون يكفل له ملاحقة من يحمل السلاح ضد الدولة، في إشارة إلى منظمي حراك فبراير.

معاناة كتابة الدستور الجديد وصياغته انتهت جلستها الأخيرة بين تلاسن وتراشق بالأيدي داخل قبة البرلمان، ورصاص لعلع خارج قبته، ما تسبب في إصابة أحد النواب.

توافق الحضور على إقرار الثلث المعطل، الأمر الذي قد يزيل الحواجز أمام الاستفتاء على الدستور، الذي وُصف بأنه دستور كتب بحبر جماعة الإخوان لتكريس المركزية والمغالبة، وصِيغ بعبارات قابلة للتأويل على أكثر من وجه، ناهيك عن إسقاطه الهوية العربية لليبيا التي يسكنها أكثر من 96 في المائة من الأسرة العربية القحة، الأمر الذي يؤكد اللمسة الإخوانية لتنظيم الجماعة الضالة، التي تحقد على العروبة بشكل مطلق، وهذه الجماعة هي من يختطف العاصمة طرابلس التي يتفادى الجيش مؤقتا تحريرها منهم تفاديا لمجزرة دموية سيتسببون فيها.

التوافق تم على أن يتم التصويت على آلية الاستفتاء على الدستور في 3 دوائر، يشترط حصول كل دائرة على «50 في المائة + واحد»، وذلك بعد تعديل المادة السادسة من الإعلان الدستوري، التي كانت تعتبر الدستور نافذا بمجرد الحصول على الثلثين في عموم ليبيا، ولو كانت في جهة واحدة، الأمر الذي اعتبر حالة من المغالبة، خاصة أن الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور تم إقرارها وانتخابها على أساس 3 دوائر تحمل الاسم القديم (طرابلس وبرقة وفزان) وليس دائرة واحدة، الأمر الذي يتطلب أن يكون التصويت 3 دوائر حيث أعلن الناطق باسم المجلس التوافق على إرجاء التصويت على مشروع قانون الاستفتاء، إلى حين تحصينه دستورياً.

ويبدو أن المبعوث الدولي غسان سلامة يغرد خارج السرب حيث قال: «نحن ذاهبون نحو الانتخابات في 2018، حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق». الأمر الذي يعتبر غير مقبول من مسؤول أممي ينحصر دوره فقط في جمع الأطراف، وتسهيل فرص التفاوض والتحاور بينها، دون إملاء أي شروط أو قرارات نيابة عن الليبيين، كما يفهم من تغريدته، التي لا يمكن تفسيرها إلا أنها ضد إرادة معظم الليبيين.

والخشية من تقسيم البلاد بمجرد تقرير الاستفتاء وإقرار الثلث المعطل، لا أساس لها، فما يربط ليبيا وأقاليمها الثلاثة التاريخية، ليس مجرد قرار برلماني أو زواج قسري كما زعم وادّعى الكاتب الأميركي جوستين ريموندو، بل هو الدم والنسب والمصاهرة والتاريخ والجغرافيا واللغة والدين، وهي من أشد المكونات قوة، والتي تحقق الوحدة الوطنية في تشكل الدول، فليبيا لو تركت وحدها وتم تحييدها عن الصراع الدولي والإقليمي لتنافس شركات البترول والتصارع بينها مثل «إيني» و«توتال» و«بريتش بتروليوم» وغيرها، لأصبح هذا البلد من أفضل البلدان في التعايش المجتمعي، لشدة التجانس والمكونات الرابطة بين سكانها.

وحتى لو اتجهت البلاد نحو الفيدرالية، فلا أعتقد أن هناك خشية وفوبيا مثلما يرى البعض، فالفيدرالية لا يمكن لها أن تقسم البلاد، إنما هي لتسهيل الخدمات والأعمال ومرونة الإجراءات، فليبيا حُكمت فيدراليا منذ استقلالها عام 1951 إلى عام 1963 عندما ألغيت الفيدرالية، ومع هذا لم تنقسم ليبيا ولم تتفتت، بل ازدادت تمسكا واندماجا، رغم حكمها بالنظام الاتحادي الفيدرالي لعشرات السنين.
وليبيا لا يمكن أن تقسم، مهما كان الأمر، وهذا أمر محسوم لدى كل الليبيين وسيبذلون أرواحهم من أجله.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا والدستور والثلث المعطل ليبيا والدستور والثلث المعطل



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon