توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا واقتصاد النفط الريعي

  مصر اليوم -

ليبيا واقتصاد النفط الريعي

بقلم - د. جبريل العبيدي

ليبيا رغم أنها تطفو على بحيرة نفط، تمثل أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا، وفقاً تقرير «بريتيش بتروليوم» لسنة 2018، تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات من النفط في أفريقيا بطاقة إنتاج بلغت 48.4 مليار برميل، فإن سياسة الاقتصاد الريعي، وغياب الاقتصاد الإنتاجي، جعلها تعاني من مشكلات اقتصادية كبيرة، تسببت في انهيار الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، رغم وجود احتياطي ضخم، يشكل عشرة أضعاف بعض دول الجوار التي قفزت عملاتها المحلية على الدينار الليبي؛ والسبب لأن الاقتصاد الريعي هو اعتماد الدولة على مصدر واحد للريع، وغالباً ما يكون مصدراً طبيعياً مثل النفط، فهو نمط اقتصادي يعتمد على الموارد الطبيعية دون الحاجة إلى الاهتمام بتطويرها، والاهتمام باستثمار العائد منها، وبخاصة أن نضوبها، ليس بالمستحيل أو البعيد، في ظل وجود دراسات تؤكد قرب نضوبه وانتهاء الحاجة إليه في ظل وجود مصادر طاقة بديلة؛ فالنفط مرتبط بعمر زمني، لا يمكن تجاهله، وبالتالي لا بد من التسريع في التوافق السياسي، قبل فوات الأوان من أجل بناء ليبيا، التي تعاني من انهيار البنية التحتية، وافتقارها حتى لشبكة صرف صحي ولطرق وشبكات السكك الحديدية التي تربط البلاد المترامية الأطراف.
فالمشكلة في الاقتصاد الريعي، غالباً ما تتولد عنه ثقافة موازية، هي ثقافة الكسل والاتكالية و«الاستحقاق» دون عمل أو إنتاج، فيصبح المواطن يطالب بحقه في الاقتصاد الريعي، أي النفط، دون تقديم أي خدمة، ويتعامل مع ثروة بلاده من الاقتصاد الريعي على أنه ميراث عائلي، فتتشكل حالة بطالة مقنعة بحقه في المال العام، طالما سينال «نصيبه» أو ما يراه «حقه» فيه دون تعب أو مشقة.
ففي ليبيا اقتصاد النفط الريعي، في ظل وجود نخبة سياسية «حاكمة»، تحاول الإمساك والسيطرة على الريع والاستحواذ عليه، فنشبت معارك ومحاولات الاستيلاء على الهلال النفطي، باستخدام ميليشيات محلية، يقودها المتمرد الجضران وهو سجين سابق في قضايا جنائية، استخدمته أطراف محلية، تتبنى العنف، مثل جماعات الإسلام السياسي، مثل «سرايا الدفاع عن بنغازي»، وهي تحالف من المقاتلين لهم صلات مع تنظم أنصار الشريعة، المبايع لـ«داعش»، والتي سهلت له التواصل مع قيادات إرهابية مثل مختار بلمختار، أمير الموقعين بالدم، ومن أقوى زعماء عصابات التهريب في منطقة الصحراء، الذي شارك في الهجمات على الهلال النفطي، صحبة قوات المتمرد التشادي تيمان أرديمي في معارك تم تمويلها بأموال وسلاح قطري.
النفط الليبي رغم أنه مصدر الدخل الريعي، فإنه يتعرض لحالات توقف الإنتاج أو إيقافه للأسباب ذاتها، ليس آخرها إيقاف تدفق النفط والغاز من حقل الشرارة النفطي جنوب غربي ليبيا، بخسارة تقدر بنحو 30 مليون دولار يومياً، ستسهم في سوء الحالة الاقتصادية للبلاد، رغم أن أسباب الإيقاف تنطلق من حالة الشعور بالغبن والاستحواذ عليه في العاصمة طرابلس، وتهميش الباقي، وسياسة الحكومات في اختزال ليبيا في طرابلس وما جاورها، رغم أن منابع النفط خارجها؛ مما تسبب في غضب برقة وفزان حيث منابع النفط، وغياب أي مشروعات تنموية تذكر، منذ سنين، لا تحمل وزرها فبراير (شباط) وحدها، بل كانت سياسة منهجية لسبتمبر (أيلول) القذافي.
في ليبيا، والنفط المعادلة الصعبة، محاطة بلعنة النفط، التي هي وراء التدخل العسكري، الذي أسقط الدولة والنظام معاً، في فبراير 2011، وتسبب في حالة فوضى، التي لا تزال مستمرة وطالت خبير النفط والاقتصاد، الإصلاحي الليبي شكري غانم، الذي وصفته لوموند بـ«الميت الذي ما زال يتكلم»، شكري غانم ضحية النفط، عقب إسقاط نظام القذافي، والذي كان مقتله لإغلاق ملف عوائد النفط، ليسهل التلاعب فيها.
لتبقى أزمة ليبيا في ظل اقتصاد ريعي وغياب دولة ريعية بالمفهوم الاقتصادي، ستبقى ليبيا تعاني من مشكلة الاتكالية على الرِّيع، كنتيجة لإنتاج الريعي يستغل الموارد الطبيعية دون البشرية، ما لم يحدث توافق وطني للخروج من ظلمات الاقتصاد الريعي.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا واقتصاد النفط الريعي ليبيا واقتصاد النفط الريعي



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon