توقيت القاهرة المحلي 00:24:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَن كان يتوقع خاشقجي في ذمة الله؟

  مصر اليوم -

مَن كان يتوقع خاشقجي في ذمة الله

بقلم - فيصل العساف

عندما يظهر الأمير محمد بن سلمان، عبر وكالة «بلومبيرغ» العالمية، وفي عزّ أزمة «اختفاء» الراحل وما صاحبها من تحريض ممنهج، مؤكداً: «خروج خاشقجي من القنصلية بعد 20 دقيقة»، فإنه يعني ما يقول ولا شك، للأسباب التالية: أولاً، لأنه ولي العهد، الرجل النافذ في تفاصيل الدولة، والذي لم يكن مضطراً إلى إحراج نفسه بهذا التصريح من الأساس، «لولا» أنه كان على «يقين» تام مما قُدم إليه من معلومات تفيد بأن جمال خاشقجي أنهى الذي أتى من أجله ثم توكل على الله. ثانياً، لا تنقص الأمير محمد بن سلمان الفصاحة ولا سرعة البديهة، بناء على ذلك، فإن ترك الباب موارباً- منذ البداية- أمام كافة الاحتمالات بالقول: «سنحقق في المسألة برمتها ثم نظهر النتائج للعلن»، كان الأولى بالنسبة إليه لو أن خلف الأكمة ما وراءها، الأمر الذي لم يحدث. وهذا بحد ذاته دليل على أن المعلومات الحقيقية لم تكن على طاولته، وأن الذين باشروا العملية سعوا إلى إخفائها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، لكن حزم القيادة الذي عاجلهم وعزمها على استجلاء الحقيقة، كان لهم بالمرصاد، ولهذا فإن الثابت الوحيد اليوم هو أن الدولة أنصفت الرجل على حساب من كانوا يوماً «رجالها».

لنتحدث بصراحة، العلاقة السعودية- التركية ليست على ما يرام، وهذا كافٍ ليجعل من الوقوع في خطأ ارتكاب جريمة بهذا الحجم في تركيا أمراً أشبه بالمستحيل، على فرض رغبتها في التخلص من خاشقجي أصلاً، بل إن الأمر لو دبّر له بليل فإنه لن يكون في قنصليتها، على مرأى كاميرات المراقبة التركية «المتربصة»! في الواقع، قبل أن تقول السلطات السعودية كلمتها، وتوجه أصابع الاتهام إلى أشخاص بعينهم، فإن الإعلام القطري المتأهب ممثلاً بـ «الجزيرة» وملحقاتها، وصحف تركيا الصفراء التي تعاملت مع القضية بكل خبث، لو وضعوا التسجيلات الصوتية المزعومة في يد السعوديين اليمنى والفيديوات الموهومة في يدهم اليسرى، على أن يصدقوا قصة اغتياله، ما صدّقوهم. وليس ذلك إلا نتيجة للثقة المفرطة في نهج السعودية الذي تقوم عليه منذ نشأتها، ولنا في تعاملها مع معارضيها خير شاهد على ما ذهب إليه السعوديون لحظة إنكارهم ودفاعهم عنها، لم يمس أولئك الذين يكيلون الشتائم ويؤلبون عليها من أبنائها العاقين في الخارج سوء، حتى عتاة المجرمين من الإرهابيين لم تُغلق في وجوههم أبواب العودة. على العكس من ذلك، لقد استقبلت منهم الكثير وأحسنت إليهم، وكان صنيعها محفزاً لمن سولت له نفسه أن يشذّ عن الانتماء إلى قاعدة الوطن الراسخة، أن يرجع، متيقناً بأن توبته ستجبُّ لدى الدولة جميع ما قد سبق.

في هذا الخضم يبرز السؤال التالي: ألم يكن في استطاعة السعوديين الإنكار بدلاً من الوقوع في مأزق الصراحة؟ بلى في الحقيقة، كان يسعهم ذلك، وليضرب الآخرون رؤوسهم في حائط المصلحة التي تربطهم في السعودية، البلد المهم في الحرب على الإرهاب، والفاعل الأهم في استقرار أسعار الطاقة.

وحتى نكون أكثر دقة، فإن جمال خاشقجي ليس أغلى كثيراً من سواه، من الذين تفرقت دماؤهم بين قبائل السياسة، وستطوى صفحته كما طوت تركيا صفحة آندرو برونسون، القس الأميركي الذي أطلق سراحه وطار إلى بلاده أخيراً، وهو من صدر في حقه حكم قضائي بالسجن بتهمة الإرهاب وفق تصريحات وزير العدل التركي، حدث ذلك في أعقاب وعود الرئيس التركي التي قطعها على نفسه بعدم تسليمه ما دام في سدة الحكم، وكما طوت أميركا صفحة دعم قطر الإرهاب التي أكدها ترامب شخصياً، وكما طويت صفحات الإخفاء القسري والاغتيال للكثير والكثير من السياسيين والصحافيين حول العالم.

نحن لا نعيش في عالم أفلاطون الافتراضي الحالم، إنما في عالم تنخر المصالح مفاصل نياته وتعاملاته. هذه هي الحقيقة، وعلى جميع السائرين في طريق شيطنة السعودية أن يتعلموا منها بأن العدل ولو على حساب النفس، هو أساس الدوام والحكم والملك.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن كان يتوقع خاشقجي في ذمة الله مَن كان يتوقع خاشقجي في ذمة الله



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
  مصر اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon