بقلم - فيصل العساف
«رِجل في الدنيا وأخرى في الآخرة»، لذلك اكذب بعيداً من الدين إذا كنت ولا بد كاذباً. هذه نصيحتي الوحيدة إلى شيخ جماعة «الإخوان» الإرهابية يوسف القرضاوي، بعد أن جاء بما لم يأت به الأوائل سوى أبرهة الذي قصد مكة وفي نيته صرف الناس عن الحج إليها. الفرق أن الأشرم كان أكثر وضوحاً وهو لا يفعل ذلك باسم الله، بخلاف القرضاوي، الذي هرع مسرعاً نحو شماعة الدين التي يجيد تعليق «بلاويه» عليها كلما أراد الوقيعة بين الإسلام والسلام، لمصلحة من يخرب أكثر.
على طريقة «ولا تقربوا الصلاة»، نطق القرضاوي حقدًا بنيّة تشويه عمل السعودية المتميز في تذليل كل الصعوبات التي قد تواجه الحجاج، مطالباً إياهم من قصره في الدوحة بالعودة إلى زمن الرعب الذي عاشته أمنا هاجر ورضيعها في «وادٍ غير ذي زرع»، متجاهلاً -لأسباب حزبية بحتة- دعاء إبراهيم الخليل حين قال: «فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات»، يعني في ذلك الوادي.
وعلى طريقة «إن الله مخرج ما تحذَرون»، جاءت تغريداته على موقع «تويتر» حول الحج لتفضح سوء سريرته التي زينت له التلاعب بآيات الله تحريفاً وتضليلاً، ولتؤكد من جهة أخرى براءة الإسلام من محاولات التسييس الممنهجة التي تمتطيه بأيدي دجاجلة التدين. أما عن السبب وراء محاولات التقليل من الحج، والتي دعت القرضاوي إلى الاستهتار والنيل من مشاعر المسلمين في الأيام الحُرم، وفي أطهر بقاع الأرض؟ فإنه ولا شك ذلك النجاح الباهر للسعودية في خدمة الحرمين الشريفين. وليس من المبالغة القول إن في هذه النجاحات ما يسوء ويفشل خطط المتأسلمين في شكل عام، وجماعة «الإخوان المسلمين» والدافعين بهم إلى قاع السياسة، في قطر وتركيا تحديداً. هذه هي النقاط التي ينبغي أن توضع على حروف المكاشفة. فلقد كان ذهاب ضحايا كثر في أي نوع من الحوادث يمثل طوق النجاة بالنسبة إلى أولئك أجمعين، بخاصة بعد أن رجم الحجاج القطريون شياطين الحمدين وكسروا حاجز افتراءاتهم ضد السعودية.
لم تكد تختفي مطالب تدويل الحرمين ولا صواوين العزاء التي يقيمها المتسلقون بالإسلام على السياسية بسبب ما يصفونه بـ «فشل» السعودية في تنظيم الحج، عند كل كارثة طبيعية أو غير طبيعية، حتى أطل القرضاوي متوشحاً سيف التقشف قائلاً: هذا الحج ليس لله حاجة فيه! أما لماذا؟ فلأن هذه التسهيلات المقدمة تتنافى مع فكرة الحياة «على أقل ما يمكن من الوسائل» التي اخترعها حديثاً جداً، لتناسب موقفه السياسي من السعودية، المتفرع في أصله من الموقف القطري المعادي.
نحن أمام مأساة حقيقية، تمثل امتداداً لمحاولات تطويع الإسلام لجهة مصالح فئوية بعينها، ولكن المختلف هي الدوافع السياسية التي جعلت من القرضاوي على خصومة مع المسلمين جميعاً هذه المرة، إذ ليس من المقبول أن تتسور منبر الدعوة الكبير لأن ثناء بعض الحجاج على الخدمات المبذولة قد أغاظك، ثم تشن هجومك على الركن الخامس من أركان الإسلام «نكالًا» بالسعودية، وعلى طريقة: لم يجدوا في الذهب عيباً قالوا بريقه يعمي العين! هذه المواقف المبتذلة التي تشوه الإسلام وتطعنه من الخلف يجب أن تتوقف، ليس بفعل أولئك المتسلقين، وإنما باستشعار الجميع مسؤولية تحجيم هذا العبث، والعمل وفق منهجية تناهض أشكال الاستغفال العمائمي بكل أشكاله، وصولاً إلى إسلام أكثر محبة وتسامحاً، كما أراده الله لا كما تريده قلوبهم.
نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع