توقيت القاهرة المحلي 00:24:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غازي القصيبي وإن طال السفر

  مصر اليوم -

غازي القصيبي وإن طال السفر

بقلم - فيصل العساف

عادة يجري تكريم البارزين بعد رحيلهم، وكأن المجتمع اكتشف امتيازهم في شكل مفاجئ، ليقرر تخليد ذكراهم في حفلة تأبين، غالباً ما يستحضر فيها المعزون شعار: «أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً»، تلك المقولة التي خلدها الإهمال والتغافل والمصالح الخاصة الضيقة. في حالة الأديب السعودي الوزير رجل الدولة والتنوير الدكتور غازي القصيبي، لم يكن الاحتفاء به في حياته هو المطمع، أقصى طموحات المنصفين كانت المطالبة في إفساح المكان أمام التنوع الذي رفع لواءه، والسماح لفكرة النهر الآخر بالجريان.

كان الذين يقـفـــون في المنتصف مشغولين فــــي محــــاولة فك الاشتباك الذي افتعلته تجــــاهه منابع الرأي الواحد، التي سادت ردحاً مــــن الزمـــن بقوة خلق الأعداء، بعد أن أغلقت - باسم الإسلام - أبواب قبول المختلف، وفتحت المجال على مصراعيه للتنقيب عن الخلاف، في محاولة حثيثة لوأد الرؤى الجديدة في مهدها مادامت تعريهم وتساهم في إسقاط قناع التدين عن وجوههم لتعيدهم إلى زاوية السياسة التي ينطلقون منها في الأساس.

واجه القصيبي أمواج الإقصاء العاتية، التي مورست ضده، بثبات «يُدرّس»، نقض من خلاله قاعدة الانحناء للعاصفة، فالرياح ليست هي من ترسو بالسفينة، وإنما مهارة القبطان وشجاعته في تحدي عقبات المخذلين، التي يتم وضعها في طريق صناع الحياة. من أخلاقيات القصيبي، أنه لم يسع إلى نبذ مخالفيه باستـــغلال حظوته لدى ملوك السعودية، الذين تعاقبوا على منحه ثقتهم، كان قلمه هو عدة حــــربه في مواجهة من ناصبوه العداء، يتوشحه كلما ضاقت عليه أرض الخصومة بفـــــجور المخالفين فيها، وحيداً في معركة تبــــدو أشبه بالخاسرة، كان كالقافلة التي تقتحم غبراء الصحراء، صامداً لا يلوي على شيء، لم تحمله مشاغبات القوم على الضغينة، حتــــى القضاء، الذي كان سينصفه أمام افتراءات القادحين في دينه وعرضه ونياته، لــــم يطرق بابه يوماً، وليسمح لي ولي العهد الســـعودي الأمير محمد بن سلمان، في استعارة الهاتفين اللذين أخرجهما من جيبه في حفلة إعلان مدينة «نيوم»، لشرح أعمق عن الفرق بين منهج القصيبي، الذي أثمر عملاق «سابك» للحديد والصلب والبتروكيماويات، التي عمل ويعمل فيها آلاف من السعوديين، وبين جوقة الرداحين التي نالت منه طوال 30 عاماً، وكان التشريك والتفخيخ والتفجير وهدم الإنسان والأوطان نتاج فكرها التحريضي الأحادي.

أخيراً، جاء إقرار وزارة التعليم لكتاب «حيــــاة في الإدارة» للدكتور غازي القصيبي، ضــــمن مادة المهارات الإدارية لطلاب المرحلة الثانــــوية، ليشكل انتصاراً للحقيقة التي أزهقت باطل حقبة مليئة بنشر التشدد المقصود بعينه، فكانت حفلة تدشين القرار بمثابة «العشاء الأخير» لمفهوم الرفض الاجتماعي، الذي تبنت من تسمي نفسها «الصحوة» أبجدياته. في الواقع، لم تستطع الحملات الموجهة والمنظمة أن تحجب شمس القصيبي، التي أشرقت على العقول، لقد اخترق سطوعها حصون الظلاميين أيضاً، عندما وسعت حكمته حتى الذين باعوا أنفسهم على أهوائهم بثمن بخس، ليلقى الله على فراش وثير من التصالح مع الذات، والأنفة عن الأحقاد، تحفظ له ذاكرة جميع السعوديين إخلاصاً منقطع النظير لله، ثم للوطن وولاة الأمر فيه.

نقلا عن الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غازي القصيبي وإن طال السفر غازي القصيبي وإن طال السفر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
  مصر اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon