توقيت القاهرة المحلي 12:33:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غازي القصيبي وإن طال السفر

  مصر اليوم -

غازي القصيبي وإن طال السفر

بقلم - فيصل العساف

عادة يجري تكريم البارزين بعد رحيلهم، وكأن المجتمع اكتشف امتيازهم في شكل مفاجئ، ليقرر تخليد ذكراهم في حفلة تأبين، غالباً ما يستحضر فيها المعزون شعار: «أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً»، تلك المقولة التي خلدها الإهمال والتغافل والمصالح الخاصة الضيقة. في حالة الأديب السعودي الوزير رجل الدولة والتنوير الدكتور غازي القصيبي، لم يكن الاحتفاء به في حياته هو المطمع، أقصى طموحات المنصفين كانت المطالبة في إفساح المكان أمام التنوع الذي رفع لواءه، والسماح لفكرة النهر الآخر بالجريان.

كان الذين يقـفـــون في المنتصف مشغولين فــــي محــــاولة فك الاشتباك الذي افتعلته تجــــاهه منابع الرأي الواحد، التي سادت ردحاً مــــن الزمـــن بقوة خلق الأعداء، بعد أن أغلقت - باسم الإسلام - أبواب قبول المختلف، وفتحت المجال على مصراعيه للتنقيب عن الخلاف، في محاولة حثيثة لوأد الرؤى الجديدة في مهدها مادامت تعريهم وتساهم في إسقاط قناع التدين عن وجوههم لتعيدهم إلى زاوية السياسة التي ينطلقون منها في الأساس.

واجه القصيبي أمواج الإقصاء العاتية، التي مورست ضده، بثبات «يُدرّس»، نقض من خلاله قاعدة الانحناء للعاصفة، فالرياح ليست هي من ترسو بالسفينة، وإنما مهارة القبطان وشجاعته في تحدي عقبات المخذلين، التي يتم وضعها في طريق صناع الحياة. من أخلاقيات القصيبي، أنه لم يسع إلى نبذ مخالفيه باستـــغلال حظوته لدى ملوك السعودية، الذين تعاقبوا على منحه ثقتهم، كان قلمه هو عدة حــــربه في مواجهة من ناصبوه العداء، يتوشحه كلما ضاقت عليه أرض الخصومة بفـــــجور المخالفين فيها، وحيداً في معركة تبــــدو أشبه بالخاسرة، كان كالقافلة التي تقتحم غبراء الصحراء، صامداً لا يلوي على شيء، لم تحمله مشاغبات القوم على الضغينة، حتــــى القضاء، الذي كان سينصفه أمام افتراءات القادحين في دينه وعرضه ونياته، لــــم يطرق بابه يوماً، وليسمح لي ولي العهد الســـعودي الأمير محمد بن سلمان، في استعارة الهاتفين اللذين أخرجهما من جيبه في حفلة إعلان مدينة «نيوم»، لشرح أعمق عن الفرق بين منهج القصيبي، الذي أثمر عملاق «سابك» للحديد والصلب والبتروكيماويات، التي عمل ويعمل فيها آلاف من السعوديين، وبين جوقة الرداحين التي نالت منه طوال 30 عاماً، وكان التشريك والتفخيخ والتفجير وهدم الإنسان والأوطان نتاج فكرها التحريضي الأحادي.

أخيراً، جاء إقرار وزارة التعليم لكتاب «حيــــاة في الإدارة» للدكتور غازي القصيبي، ضــــمن مادة المهارات الإدارية لطلاب المرحلة الثانــــوية، ليشكل انتصاراً للحقيقة التي أزهقت باطل حقبة مليئة بنشر التشدد المقصود بعينه، فكانت حفلة تدشين القرار بمثابة «العشاء الأخير» لمفهوم الرفض الاجتماعي، الذي تبنت من تسمي نفسها «الصحوة» أبجدياته. في الواقع، لم تستطع الحملات الموجهة والمنظمة أن تحجب شمس القصيبي، التي أشرقت على العقول، لقد اخترق سطوعها حصون الظلاميين أيضاً، عندما وسعت حكمته حتى الذين باعوا أنفسهم على أهوائهم بثمن بخس، ليلقى الله على فراش وثير من التصالح مع الذات، والأنفة عن الأحقاد، تحفظ له ذاكرة جميع السعوديين إخلاصاً منقطع النظير لله، ثم للوطن وولاة الأمر فيه.

نقلا عن الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غازي القصيبي وإن طال السفر غازي القصيبي وإن طال السفر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon