توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَن يعبث بقرار السودان؟

  مصر اليوم -

مَن يعبث بقرار السودان

بقلم - فيصل العساف

 ما معنى أن تتداعى وسائل إعلام محسوبة على التيار الإخواني الغارق، تروّج إلى ما يمكن تسميته بالخديعة الكبرى التي تمارس في حق السودان والسودانيين؟ لماذا يحاولون وضع العراقيل أمام العلاقات المتميزة التي تربط السودان بالدول الخليجية والعربية المعتدلة؟ لماذا في هذا التوقيت بالذات؟ وما علاقة ذلك بالأوضاع الاقتصادية السودانية؟

هذه الأسئلة وغيرها تفتح الباب أمام تكهنات عدة حول ما يُراد للوضع السياسي هناك، وعلاقة ذلك بموقف الرئيس عمر البشير والسودانيين من خلفه تجاه التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن.

في طبيعة الحال، لا يمكن تصور تخلي السعودية ومعها الإمارات عن دعمها للسودان في قضية رفع العقوبات، مثلما أنه لا يمكن تصوّر تخلي السودان عن واجبه العروبي في القضية اليمنية، وحدها المعادن الرديئة هي التي تجعل إمكان الوقوف في القضايا المصيرية من عدمه محدوداً في إطار المصالح الآنية الظرفية، بعيداً من الهمّ المشترك الذي يتخلى في الغالب عن التقاطعات الضيقة لمصلحة الخطوط العريضة التي ترسم ملامح التاريخ والجغرافيا والأخوة الصادقة أيضاً.

من له المـــصلحة في عزل الســودان عن محيطه العربي؟

توجد سيناريوات عدة لتحقيق هذه النزعة الإقصائية، تتّحد جميـــعها مـــحاولة الظــفر في أحد أمرين يتم تكييفهما بناء على رد الفعل السوداني الحكومي، الأول انكفاء السودان لمصلحة الطرف المخادع على الطاولة الإقليمية بزعامة قطر وتركيا، ونتيجة لذلك يتم العمل على دعم فض النزاع الدائر في الداخل السوداني حول الرئيس البشير، من خلال جزَرة المسكنات المالية والإعلامية «حتى حين».

ويندرج تحت ذلك دعم النهج القائل بتعديل الدستور، في سبيل إتاحة الفرصة أمام البشير للبقاء فترة رئاسية جديدة. الأمر الثاني معاكس لهذا التوجه في كل تفاصيله، ويقضي بمعاقبة «سودان البشير»، والعمل جنباً إلى جنب مع جماعة الأخوان المســـلمين، الفاعل الرئيس في ما تشهده المنطقة العربية من حال الدمار واللاسلم، هذا الخيار «المطروح» هو العصا المهترئة التي تمسك بها قطر، ويمكن أن تتحول إليها مباشـــرة متى قرر السودانيون ضرب الأصوات المندّدة بالطموح العربي الساعي إلى ضمان «رسوِّ» سفينته على شاطئ الأمان عرض الحائط، والبقاء في معسكر الاعتدال الرامي إلى لملمة ما تناثر على الساحة السياسية الإقليمية جراء «أحلام» القطريين التوسعية.

تدور هذه الأيام حالة من اللغط تقودها الآلة الإعلامية القطرية، تراهن بخبث على الوضع الاقتصادي السوداني، لتضغط بشدة على موقف السودانيين من الحرب في اليمن ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية، وتسعى في ما تسعى إلى تقويض الجهد العربي المشترك بزعامة السعودية والإمارات، وذلك بالإخلال في تحالف دعم الشرعية اليمنية والترويج لفكرة انسحاب القوات السودانية!

وبغض النظر عن النفي السوداني المعلن لذلك، إلا أن الأصوات التي تتعالى قطرياً في هذا الاتجاه تؤكد جنوح قطر من جديد إلى خيار الهرب إلى الأمام والذي استمرأت ممارسته منذ مقاطعة دول الرباعية لها، من خلال فتح الجبهة السودانية هذه المرة بنية الانتقام من مواقف البشير في ما يخص اليمن، أو انضمام السودان إلى تحالف القوى الإسلامية في حربها ضد الإرهاب.

في ظل هذه التحولات المتسارعة، يمكن التنبيه إلى خيارين استراتيجيين يجب العمل على تحقيقهما، الأول تكثيف الدعم الـــمادي والمـــعنوي للســـودان بغية المحافظة على أمنه واستقراره قبالة التحديات التي تواجهها حكومته، فيما الخيار الثاني يقع على عاتق الحـــكومة الســودانية نفســـها، ويتـــمثل في الـــمسارعة إلى ما يمكن تسميته بالضربات الاستباقية التي تقضي عـــلى أشــكال التــمرد «الإخواني» في الداخل، خدمة لأغراض إقليمية مناهضة، قطرية انتقامية كانت أم تركية توغلية.

ويبقى الرهان قائماً في جميع الأحوال على السواد الأعظم من الشعب السوداني المخلص لقضايا الأمة العادلة فهو الفيصل في معركة شد الحبل على ساحتهم، بين قوى الشر بقيادة خناجر الهدم المسمومة المدعومة خارجياً، وبين قوى الخير والاستقرار التي تطمح إلى تخطي السودان جميع العقبات من دون خسائر تذكر.

* كاتب سعودي.


نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن يعبث بقرار السودان مَن يعبث بقرار السودان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon