بقلم - نبيل زكي
قول مأثور شائع في المكسيك هو: »مسكينة هي المكسيك.. بعيدة عن الله وقريبة جدا من الولايات المتحدة» غير أن فوز المرشح اليساري »اندريس لوبيز اوبرادور» سيضع حداً لهذا المثل الشعبي. ويمثل هذا المرشح ائتلاف »معا سنصنع التاريخ»، وقد فاز بأغلبية ساحقة تتجاوز ٥٣٪ أي أكثر من ضعفي ما حصل عليه منافسوه. وكان نفس المرشح الفائز قد مني بالهزيمة في انتخابات ٢٠٠٦ و٢٠١٢.
وقد تشكل هذا الائتلاف السياسي في عام ٢٠١٤ من ثلاثة أحزاب تحمل اسم »حزب إحياء الحركة الوطنية» ورغم عمره القصير، فقد فاز أيضا بأغلبية مقاعد مجلسي البرلمان وبمنصب عمدة العاصمة مكسيكو ستي، وهي ثاني أكبر مدن أمريكا اللاتينية وبمنصب المحافظ لخمس ولايات من ولايات المكسيك التسع.
يقول المخرج السينمائي المكسيكي أوليفر ايسكويردو: »كنا ننتظر هذه اللحظة منذ أكثر من ١٢ سنة، وأخيراً برهنت الديمقراطية علي وجودها في المكسيك».
وهذا صحيح، بدليل أن عدد الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية غير مسبوق، وهو ٨٩ مليون ناخب أرادوا التغيير والتحرر من الفقر والفساد والعنف وتحقيق تحول جذري في أساليب ممارسة العمل السياسي وفي أشخاص الساسة أنفسهم والتخلص من السرطان الذي يدمر البلاد بعد أن أودت الحرب ضد المخدرات بحياة ٢٠٠ ألف مواطن، وهو ما يعتبره أهل المكسيك.. كارثة.
القضية الأولي والرئيسية بالنسبة لاندريس اوبرادور هي مكافحة الفقر والتفاوت الاجتماعي والفساد الحكومي في ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية. وهكذا، قال الرجل في أول خطاب له بعد إعلان نتائج الانتخابات:
»لن أخذلكم. لن أخيب رجاءكم. لن أخون الشعب. سوف نصغي لكل مواطن. سنعتني بكل إنسان ونحرص عليه، ولكننا سنعطي الأولوية للمقهورين والمنسيين». ويري اوبرادور أنه من المخجل أن يتفاخر شخص بثروته بينما هناك من يموتون من الجوع.
وفي السياسة الخارجية، لن يشارك اوبرادور في حملة الرئيس الأمريكي ترامب ضد كوبا وفنزويلا بل سيقيم علاقات طيبة مع الدول التي تحاول واشنطن عزلها.
والمتوقع أن يلغي اوبرادور العقود مع شركات البترول متعددة الجنسية وشركات المقاولات التي تنتهك التشريعات المحلية والمصالح القومية أو تحولت إلي أوكار للفساد، ولن يحترم الرجل ما يعتبره المدافعون عن النيوليبرالية.. »الحقوق المقدسة لرأس المال الخاص». ومع ذلك يري اوبرادور أنه من المستحيل أن تبتعد المكسيك عن الولايات المتحدة أو تبتعد الأخيرة عن المكسيك حتي لو لم يكن رئيسا البلدين يحبان بعضهما البعض!
يقول رئيس البرازيل السابق أن انتصار اوبرادور ليس انتصارا للمكسيك بل لكل أمريكا اللاتينية.
أما رئيس الأرجنتين السابق فإنه يري أن اوبرادور يعبر عن الأمل ليس للمكسيك فقط بل للمنطقة برمتها
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع