بقلم - نبيل زكي
يقول وزير الخارجية الروسي سيرجي لاڤروڤ أن الحوار بين روسيا ومصر في الساحة الدولية يستند إلي التمسك بتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب أكثر عدالة وديمقراطية يقوم علي ما وضعه ميثاق الأمم المتحدة من قواعد أساسية للعلاقات بين الدول. ولاڤروڤ علي حق.. ذلك أننا لم نعد في زمن القطب الواحد ولا في عالم القطبين، كما أننا في أشد الحاجة إلي تطبيق ميثاق الأمم المتحدة هذه الأيام، وخاصة أن هناك دولا تعتبر نفسها فوق القانون الدولي. وكان لاڤروڤ محقا أيضا عندما أوضح أن كلا من موسكو والقاهرة تنادي »بضرورة تسوية مختلف النزاعات والصراعات عبر الطرق السياسية والدبلوماسية، وتوحيد المجتمع الدولي من أجل التصدي للإرهاب والتطرف بعد أن أصبح من الأهمية بمكان الآن مواصلة بذل الجهود المشتركة الرامية لتحقيق المزيد من الأمن لمواطني بلدينا».
ومن هنا يتوقع المسئول الروسي أن يساعد التعاون القائم بين مصر وروسيا في المجالات العسكرية.. والتقنية العسكرية، وكذلك بين الأجهزة الأمنية علي مواجهة أخطار الإرهاب بشكل أكثر فعالية. ويلفت النظر أيضا أن لاڤروڤ يتحدث عن اهتمام موسكو بتوسيع الصلات الثقافية والإنسانية مع مصر. ونحن نعرف مدي تقدير واحترام روسيا لمعجزات الحضارة المصرية القديمة. وفي نفس الوقت، فإن روسيا تساعد مصر علي الارتقاء بالنهضة الصناعية من خلال إدخال التكنولوجيا النووية للمصانع، كما يقول نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق د. علي عبدالنبي. فالمحطة النووية بالضبعة تضم أربع وحدات بطاقة إجمالية ٤٨٠٠ ميجاوات توفر خمسين في المائة من احتياجات الكهرباء، كما توفر ما يقرب من مليار دولار. ولن يتم الشروع في تسديد أول قسط من القرض الروسي لإنشاء هذه المحطة قبل التشغيل الفعلي لها في عام ٢٠٢٦. وإذا كان حجم التبادل التجاري بين البلدين تجاوز ٦٫٥ مليار دولار، فإن ثمة طموحا لتحقيق زيادة مطردة في هذا الحجم. وتجمع المؤشرات علي أن القمة القادمة بين السيسي وبوتين ستفتح الباب لاستئناف الرحلات الجوية الروسية إلي كل من الغردقة وشرم الشيخ، مما سيؤثر إيجابيا علي حركة السياحة في مصر. وكان ٢٫٥ مليون سائح روسي أي أكثر من ربع عدد السائحين ـ قد زاروا مصر في عام ٢٠١٣.
ومعني ذلك أنه تتوافر الآن ـ علي حد تعبير لاڤروڤ ـ كل المقدمات الضرورية لرفع مستوي الشراكة متعددة النواحي بين روسيا ومصر مع تطور الحوار السياسي بين الجانبين بخطوات متسارعة ومع تنفيذ المشروعات الكبري، ومنها المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس. ولذلك يعتبر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف أن قمة الغد بين رئيسي مصر وروسيا هي »القمة الأهم»، وأن مصر »شريك موثوق به ، كما برهنت الكثير من المواقف والأحداث، بالإضافة إلي مكانة مصر ودورها البارز في المنطقة». وكانت الترجمة العملية لكلام بوجدانوف هي الدعوة التي وجهتها روسيا لأول مرة إلي رئيس مصري للمشاركة في احتفالات الذكري السبعين لانتصار الاتحاد السوفيتي علي ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. كذلك كانت مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي طبقت موسكو معها صيغة ٢+ ٢، أي اجتماعات وزيري الخارجية والدفاع لكل من الدولتين.
العلاقة بين مصر وروسيا في تصاعد مستمر بفضل السياسة الخارجية المصرية المستقلة، ولأن موسكو تنظر إلي مصر باعتبارها مركز صناعة القرار في الشرق الأوسط.
نقلا عن الاخبار القاهرية