بقلم-عبلة الرويني
موته الصعب المفاجئ والموجع، هو صورة أخري من حياته الأصعب والأكثر وجعًا... عاش المخرج المسرحي محمد أبو السعود يطارد أحلامه، ولا يتنازل عنها.. دائما كان من يعرقل خطواته، لكنه أبدا لم يكف عن المسير.. هو أكثر أبناء جيله موهبة وصدقا وإخلاصا لمشروعه الجمالي، ابنا بارزا لحركة المسرح المستقل (المسرح الحر) التي ظهرت أوائل التسعينات، كمسرح بديل متمرد علي أشكال المسرح التقليدية، ووسائل إنتاج مسرح الدولة المتهالكة.. أسس أبو السعود فرقة (الشظية والاقتراب) قدم معها أكثر من ٢٠ عرضًا مسرحيًا (علي مسرح الهناجر في سنواته الأولي) خلال إدارة د.هدي وصفي، التي قدمت الدعم والرعاية لجيل كامل من فناني المسرح المستقل.. لمسرح أبو السعود خصوصية جمالية تنتمي إلي تكوينه (شاعر ورسام ومؤلف ومخرج مسرحي) اعتني أبو السعود بالسينوغرافيا والمشهد المسرحي.. سينوغرافيا أقرب إلي القصيدة.. يكتب أبو السعود الشعر، وحين تقرأ قصائده تشعر أنك فوق خشبة المسرح، وحين تشاهد عروضه المسرحية تشعر أنك داخل القصيدة..
منذ ٢٠١٤ كان يجاهد محمد أبو السعود من أجل افتتاح عرضه المسرحي، لكن دون جدوي!!.. ٥ سنوات تطل الأعذار والأسباب والتأجيلات، وتتعثر الخطوات.. ودائمًا يخذله الجميع، ملتفتين لحسابات ومصالح وسياسات مسرحية أقرب للتجارة وشروط السوق!!.. الوحيد الذي لم يخذل أبو السعود هو أبو السعود نفسه.. ظل دائمًا ممسكًا بحلمه، مقاتلًا لتحقيقه، بنفس قناعاته الجمالية، دون تنازل ولا مواءمة.. وكان طبيعيًا أن ينفجر جسده بالسرطان!!
نقلا عن الاخبارالقاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع