بقلم - عبلة الرويني
عندما ذهب لتسجيل ابنه في إحدي المدارس الدولية بالقاهرة، لاحظ أن هناك رجلا إنجليزيا، يدخن سيجارته في طرقات المدرسة ويلقي نفاياتها علي الأرض!!..أبدي الأب دهشته، كيف لمعلم أن يقف ويشرب سيجارته،وسط مجموعات الأطفال حوله،وكيف يلقيها علي الأرض..ضحك الإنجليزي مؤكدا أنه ظل عامين كاملين يحافظ علي سلوكه وانضباطه،لا يشرب السجائرنهائيا بالمدرسة،ولا يفعل أي سلوك مخالف حتي لو كان صغيرا، ليكتشف أنه الوحيد الذي يحافظ علي تقاليد غيرموجودة،فالجميع يدخنون ويأكلون وينفعلون وتتعالي أصواتهم،بل قاموا أيضا بنصحه بأن يمارس حياته بحرية،ولا داعي للتضييق علي نفسه..حتي صار مثلهم!!...حكاية تتكرر كثيرا بصور مختلفة، فلن تستطيع أن تمارس صوابك داخل مناخ طارد للصواب، لن تستطيع أن تمارس صوابك إلا داخل مناخ منضبط، يعرف معني الحقوق والواجبات،ومعني المسئولية،ويحترم النظام والقوانين والقيم..إعادة بناء الإنسان المصري،وتصويب منظومة الأخلاق، ليست مجرد خطاب إنشائي،ولا مجرد دعوة طيبة،ولا موعظة حسنة بنهايتها تنصلح الأحوال وتتغير الطباع، وليست أيضا عملا فرديا يمكن أن يفعله فرد ولا يفعله آخر،لينتهي الحال بالجميع كما سيجارة الرجل الإنجليزي!!..إذا كان التسيب والإهمال والأخطاء والمخالفات والرشوة والإكراميات والعنف اللغوي والمعاملة الخشنة والكذب والنفاق وإهدارالوقت وإهدارالمال العام أصبحت سلوكا عاما نواجهة في كل مكان، فلابد من وضع ضوابط صارمة وغرامات وعقوبات علي كل تجاوز أو مخالفة في العمل أو في الشارع..ولابد من قيم عادلة تحكم الجميع.. قال لي أحد الزملاء العاملين،إنه يتحمل ضيق العيش وصعوبته،لكنه يشعربالقهرعندما يأتي يوما متأخرا ساعة عن موعده(لأسباب)فيتم مجازاته، بينما يري الكثيرين حوله يكسرون كل مواعيد العمل دون محاسبة ولا مساءلة!!
الانضباط والمساءلة والعدالة، خطوة لتحقيق مناخ صحيح وسليم، يعلي من قيم الإنسان ويؤسس لبقائها..
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع