بقلم - عبلة الرويني
بدا غريبا ومستهجنا أن تخصص المذيعة »بسمة وهبي» ما يقرب من ساعة كاملة في برنامجها في (القاهرة والناس) علي الهواء مباشرة ، للحديث عن بائع الفول أسفل منزلها ، قامت بمطاردة رزقه ، ومنع وقوفه بعربة الفول حفاظا علي الشكل العام!!.. وعندما تساءل البعض عن معايير إطلاق الهواء هكذا دون ضوابط.. اتضح أن المذيعة واحدة ممن يشترون الهواء في الفضائيات ، وبالتالي يقدمون بفلوسهم ما يشاءون ، ويقولون ما يريدون قوله!! والأهم أن تتحول الشاشات إلي مساحات يعبث فيها دخلاء علي الإعلام ، دون حساب ولا مراقبة!!.. ظاهرة باتت هي السياسة الاقتصادية الحاكمة والمتحكمة في معظم القنوات الفضائية ، وهي نوع من الحل السريع والسهل في مواجهة نقص الموارد ، وتقلص الإعلانات!!... ظاهرة تفاقمت بصورة لا يمكن الحديث فيها عن سياسة إعلامية واضحة ، أو فلسفة أو هوية لأي قناة!!.. عشرات البرامج وعشرات المذيعين الموجوين علي الشاشات بقوة نفوذهم المالي ، إما طمعا في الشهرة وتحقيق مكاسب اجتماعية ، أو ترويجا لبضاعة ، ككثير من البرامج المتخصصة في الأفراح والطهي والتجميل ، أو برامج الأطباء التي تشكل اعلانا لترويج عياداتهم وعملهم!!.. يعني المسألة لدي البائع والمشتري (القناة والمذيع) ليست سوي تجارة ، مكاسب وأرباح وأموال تتدفق بأي طريقة ، بينما البضاعة مغشوشة أو فاسدة ، لا يهم ، حيث ينتهك الجميع كل المعايير الإعلامية ، وتتحول الشاشات إلي مجرد فاترينة عرض للبضائع ، سوق مفتوح للنصابين والتجار والطفيليين ، لا مجال للحديث فيه عن إعلام ، ولا عن سياسة إعلامية منضبطة وواعية.. حتي المجلس الأعلي للإعلام ، لا سلطة لديه علي السياسات المالية للفضائيات ، وعمليات شراء الهواء!!.. وإذا كان بيع الهواء هو الحل الاقتصادي المتاح حاليا للفضائيات ، فلماذا يكون السوق مفتوحا فقط للبضائع الرديئة؟.. لماذا لا تكون الجدية والجودة والدقة والأمانة هي المعيار لشراء الهواء؟! لماذا لا يتم وضع ضوابط للبرامج والمذيعين القادمين بأموالهم ، حماية للمشاهد واحتراما لقيمة وقيم الإعلام؟
نقلا عن الاهرام القاهرية