بقلم-عبلة الرويني
حين سألته عن بروفات المسرحية.. صرخ المخرج (محسنة حتطير برجين من عقلي.. لا تكف عن الجدل والسؤال.. تتصوري أنها تعيد قراءة بريخت كاملا، وتعيد قراءة كل ما كتب حول المسرحية، من أجل أن تلعب الشخصية.. دي بتحضر دكتوراه في الدور)!!.. هي محسنة توفيق سيدة الإحساس، والقدرة علي تجسيد أدق التغيرات والمشاعر في نبرة الصوت.. نظرة العين.. والتعبير بالوجه.. فنانة تشعر كثيرا (بتعبير تولستوي).. لكنها أيضا فنانة الوعي وشغف المعرفة والمواقف الصلبة... قامت بدراسة الموسيقي بعد أن تجاوزت الستين من عمرها، لمجرد أنها تحب الغناء.. غنت في فيلم (العصفور) ليوسف شاهين (مصر يامه يا بهية.. يأم طرحة وجلابية.. الزمن شاب وانت شابة.. هو رايح وانت جاية) فصارت رمزا... وفي نهاية الفيلم، كانت صرختها المدوية الشهيرة (حنحارب.. حنحارب).. صرخة منحتها كل هذا المجد، وجعلت منها (أيقونة نضال) كما وصفها الشاعر العراقي سعدي يوسف..
محسنة توفيق الفنانة الوحيدة التي فرضت رؤيتها علي يوسف شاهين.. عندما قدمت معه فيلم (حدوتة مصرية) وكانت تلعب دور أم يحيي (شخصية يحيي بالفيلم، هي نفسها شخصية يوسف شاهين في الحقيقة).. قدمت محسنة الشخصية بطريقة مختلفة عما أراده شاهين (وهو لا يسمح أبدا لأي فنان أن يتجاوز رؤيته كمخرج، فكيف والفيلم هو سيرته الذاتية؟)!!... في العادة يثور شاهين ويصرخ ويسب وينفعل، ويفرض رأيه علي الممثل (كل ممثلي يوسف شاهين كانوا يتكلمون مثله تماما)!!... الوحيدة التي اختلفت مع شاهين في رؤيتها للشخصية، وفرضتها دون أن يغضب.. كانت محسنة توفيق، مؤكدة له أنها تلعب دور أم يحيي، لا أم يوسف شاهين.
نقلا عن الاخبارالقاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع