بقلم : عبلة الرويني
بعد 43 عاما علي تقديم أغنية سعاد حسني الإستعراضية (الدنيا ربيع والجو بديع، قفل لي علي كل المواضيع) في فيلم (أميرة حبي أنا)... بعد 43 عاما من البهجة والفرحة التي تبعثها الأغنية في النفوس، قرر رقيب لجنة الإعلام، أو لجنة الأغاني، أو لجنة أي رقيب يريد أن يغلق فعليا كل المواضيع.. قرر سيادة الرقيب أن يقوم بحذف مشهد من الأغنية الاستعراضية، تقف فيه سعاد حسني فوق أكتاف الراقص، وهي تلقي بأطباق ورقية بين يديها في الهواء، بينما الراقص يرفع رأسه لأعلي، ليمسك قدميها بقوة، وليتمكن من حفظ التوازن والتحكم في الحركة.. بعد 43 عاما تحولت خلاله الأغنية لأيقونة ربيعية.. اكتشف الرقيب أن هذا المشهد خادش للحياء، وأن هذا المشهد يثير الفتن والغرائز، ولا ينبغي الإبقاء عليه!!
43 عاما لم تخدش الأغنية الأكثر شهرة، والأكثر بهجة حياء أي أحد من المشاهدين.. لم تثر غرائزهم، ولم تفسد أخلاقهم.. لكن رقيب عصرنا، حامي الحمي ونصير الفضيلة الصورية، لا يكفيه إغلاق الحاضر، لكنه قرر أيضا أن يجهز علي الماضي، ويفتش في تراثنا الغنائي والفني.. يشطب بأثر رجعي ما لا يعجب عقله الجامد وتأويلاته البائسة..
هل يمكن العبث بتراثنا الفني هكذا ببساطة؟ هل يمكن السير فوق تاريخنا الفني بزجاجات الديتول وأدوات التعقيم؟ هل يمكن مراجعة تاريخنا الفني وفقا لشروط جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ما موقف النقابات الفنية واللجان الفنية ووزارة الثقافة من هذا العبث والعدوان علي موروثنا الفني؟
نقلا عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع