بقلم-عمرو هاشم ربيع
أين تقف مصر اجتماعيا؟ أين نحن من قضايا خطيرة ذات طابع اجتماعى؟ الحديث عن الأوضاع السياسية والاقتصادية رغم ما يعتريه من مشكلات، إلا أن الأزمة الاجتماعية تبدو مستفحلة.
الشأن السياسى يبدو حله - رغم القيود الكبيرة المحيطة- سهلا، يكفى أنه غير مكلف ماديا. فحالة الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى وحالة حرية الرأى والتعبير فى مصر رغم ما يرصد من أوجاع تعانى منها، فهى فى النهاية لا ترتبط بشكل مباشر بأوضاع العامة. خاصة أولئك الذين يسعون إلى رغد العيش بغض النظر عن مناخ الحريات.
وحتى الأزمة الاقتصادية التى ترتبط بحالة الاقتصاد المصرى غير المعافى، تبدو مقارنة بالشأن الاجتماعى أيضا أفضل حالا. صحيح أن هناك أمورا متصلة بعجز الموازنة العامة للدولة، وعجز الميزان التجارى، وكبر حكم الدينين الداخلى والخارجى، والبطالة، وانخفاض قيمة العملة المحلية، إلا أن كل ما سبق وغيره لا يعد رقما مذكورا فى الوضع الاجتماعى الذى ما برح ينوء على حملة كل من المجتمع والدولة.
هكذا تبدو الأوضاع الاجتماعية فى مأزق غير مسبوق، يزيد منه ازدياد تعداد السكان، ويزيد من شدة وطئته الأزمة الاقتصادية. ما جعل البلاد تواجه أزمة كبيرة بين الشباب وغيرهم، وكذلك فى وضع المرأة، وأيضا بين المكونات الجهوية أو المكانية فى مصر سواء بين الريف والحضر أو بين الوجهين القبلى والبحرى وسيناء.
إن كل ما سبق من أوضاع تبدو مظاهره السلبية فى بروز أزمة فى التشغيل، والزواج، واستشراء العنوسة خاصة بين السيدات، وارتفاع معدلات الطلاق، وكثرة الأمية بين الناس خاصة لدى المرأة، وتدهور المستويات الصحية لدى قطاع معتبر من السكان، وحال التعليم المذرى فى مصر، وارتفاع معدلات الفقر بين الناس، وضعف الخدمات المقدمة واللازمة لحياة المواطن كالكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى والنقل والاتصالات واستشراء التلوث والقمامة وارتفاع معدلات الجريمة... إلخ، وكل ما سبق من مشكلات سبب مشكلات أخرى أو فاقم من مشكلات متواجدة، فأصبحنا ندور فى حلقة مفرغة لا نعرف المشكلة باعتبارها سببا تارة واعتبارها نتيجة تارة أخرى.
ووسط اختفاء البدائل وضيق الأفق، وتدهور حال القيم الناتج عن ضعف قيمة القانون فى الحياة العامة تتفاقم تلك المشكلات، لكن لا تبدو الحلول رغم كل ذلك مستحيلة. مجتمعات كثيرة مرت بظروف أكثر سوءا، والآن انتقلت لمكانة أخرى. فى مقالات تالية نعرج إلى تلك المشكلات وسبل الخلاص منها. لكن وعلى أية حال فإن علماء الاجتماع مطالبون بأن يدلوا بدلوهم فى هذه المشكلات، أيضا الإعلام الذى ساهم فى تفاقم المشكلة مطالب أيضا بالسعى لحلها. المؤسسات الدينية من أزهر وكنسية على موعد لمواجهة تلك الأزمات المتتالية بالتنسيق مع الجهود الرسمية. المؤكد ونحن نحتاج إلى المال للخروج من تلك الأزمات أن يقوم رجال الأعمال بدورهم الاجتماعى، بعدما عزف كثيرون منهم عن هذا الدور. المهم إدراك أن هناك ضوءا فى نهاية النفق، لكن بالإصرار يمكن اجتياز الصعاب... وكل عام وأنتم بخير.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع