بقلم - عمرو هاشم ربيع
الصحة إلى جانب التعليم هما الملفان الشائكان فى الشأن الاجتماعى المصرى قاطبة. فى حديث مطول فى الوطن الخميس الماضى، ذكرت د.هالة زايد وزيرة الصحة أمورا كثيرة مهمة، وبعضها جيد، لكنها حملت فى طياتها عشرات الأسئلة التى لم تستطع الوزيرة أن تجيب عنها، بل إن هذا الحديث زاد من إرباك المواطن أو القارئ على إرباكه.
الأمر الأول، أن الوزيرة تحدثت عن ثلة من المبادرات الرئاسية فى مجال الصحة، «قوائم الانتظار»، «100 مليون صحة»، «المستشفى النموذجى»، «ألبان الأطفال». وإذا أضفنا لذلك مبادرة غير متصلة بالصحة مثل «تكافل وكرامة»، «حياة كريمة» وغيرها لأصبحنا نشخصن قضايا مصر، ونعلق مصير الملايين على مبادرات رئاسية، بدلا من أن تكون لدينا مؤسسات عاملة بشكل جاد ومعتبر.
الأمر الثانى، أن الوزيرة ذكرت إحصاءات مربكة وغير مفهومة، فمثلا عندما أشارت إلى قوائم انتظار للعمليات الجراحية لـ17888 عملية جراحية تحتاج لمدى زمنى 6 أشهر، وأن تلك العمليات انتهت فى 62 يوما فقط، دون أن تذكر كيف تم ذلك. كما أنها عادت وذكرت أنه تم إنجاز 86 ألف عملية جراحية فى 3 أشهر.
الأمر الثالث، تحدثت الوزيرة عن أزمة رواتب الأطباء، وخاضت فى أرقام خيالية، فوضعت للطبيب راتب 10-12 ألف جنيه فى الوحدة الصحية، و15-20 ألف فى المستشفى، وتزيد تلك المبالغ فى حالة الاستشارى، لكنها لم تجب عن كيفية توفير تلك المبالغ والاعتمادات المالية؟، خاصة أن البرلمان عزف كثيرا عن مساءلة الحكومة على عدم تنفيذ ما نص عليه الدستور فى م18 «... تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية....».
الأمر الرابع، أشارت الوزيرة إلى وجود نقص فى عدد الأطباء مقارنة بعدد السكان، دون أن تحمل سياسات الدولة الحالية والسابقة المسؤولية الكاملة عن وضع مجاميع التحاق خيالية بكليات الطب، وهجرة الأطباء بسبب الرواتب وسوء الإدارة للعمل فى المستشفيات الحكومية عن طريق العمل فى القطاع الخاص مؤقتا، وبالاستقالة من وزارة الصحة، أو العمل فى بلدان الخليج، أو الهجرة الدائمة خارج مصر.
الأمر الخامس، تحدثت الوزيرة عن علاج نقص الأطباء بإنشاء 4 كليات طب جديدة، دون أن تحدد سبل الخروج من عجز الأطباء خلال السنوات الخمس التالية، لا سيما وأنها ذكرت أننا فى حاجة إلى 10أضعاف العدد الحالى المتواجد والعامل من الأطباء.
الأمر السادس، ذكرت الوزيرة أنها أصدرت قرارا بتحمل الوزارة جميع نفقات الدراسات العليا للأطباء، وأشارت لمبادرة رئاسية جديدة (تذكر للمرة الأولى) بسفر الأطباء عقب التخرج لمدة شهر واحد لتلقى تدريب فى الخارج، وكذلك تحسين سكن الأطباء، وتوصيل المؤسسات الصحية الحكومية بشبكة واى فاى، دون أن توضح كيفية تدبير كل ذلك.
الأمر السابع، وضعت الوزيرة إدارة 4 مستشفيات ترتبط بتأسيس 4 كليات طب آنفة الذكر فى رقبة وزارة التعليم العالى، رغم أن إلحاق المستشفيات بوزارات غير وزارة الصحة (التعليم/ الداخلية/ الكهرباء.. إلخ) هو نظام من أسوأ الأمور التنظيمية الذى لم يوجد له مثيل فى العالم.
الأمر الثامن، ربطت الوزيرة تحمل اشتراك الأسرة المستفيدة من التأمين الصحى، الذى سيبدأ ببورسعيد 30 يونيو القادم، بالدخل الفعلى وليس الأساسى للأسرة، دون أن تضع أى وسيلة لمعرفة هذا الدخل، والذى علقت معرفته برقبة وزير المالية، الذى بدوره عجز هو ومن قبله عن معرفته.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع