بقلم - عمرو هاشم ربيع
التعليم هو عماد أى أمة، به ترتقى وبه تنحدر وتنحسر. مقارنة حال مصر منذ مطلع القرن الـ19 وحالها اليوم، خير ترجمة لما يمكن أن يقال بشأن أثر التعليم فى رقى الأمم. فبغياب التعليم تنتشر أمراض لا أول لها ولا آخر. الفقر والمرض والبطالة وجدب الأراضى والتخلف الصناعى وضعف حال المرأة وسيادة مفاهيم الخرافة والشعوذة الاتكالية.. إلخ كلها أبرز أمراض الجهل والأمية. لنا أن نتخيل هنا أنه عندما نشأ مجلس شورى النواب عام 1866 خطط له أن يكون النائب متعلما، وبعد فترة كان مخططا أن يكون الناخب متعلما، كل ما سبق أطاح به الاستعمار الذى قدم فى مايو 1882. الآن لا الناخب متعلم، ولا النائب قبل 2011 يشترط لترشحه أن يحمل مؤهلا دراسيا ولو بسيطا.
اليوم ونحن على وشك أن ننتهى من العقد الثانى من القرن الـ21، تراجعت وضعية مصر تعليميا مقارنة بالعديد من البلدان حولنا، والتى كان بعضها لا يعرف له موقع على الخريطة قبل عدة سنوات.
وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نسبة الأمية فى مصر 25،8%، ومن هم يقرأون ويكتبون بالكاد ولديهم شهادة محو أمية 10،4%. أما عدد المتسربين من البالغين 4 سنوات وحتى سن الحصول على الثانوية العامة فهم 7،4% من السكان، وعدد من لم يلتحقوا بالدراسة بداية (غير المتسربين) فهم 26،8%. وعن أسباب التسرب فهناك 56،1% يرجع تسربهم لعدم الرغبة الفردية أو الأسرية فى التعليم.
فى عام 1993 تأسست مدارس التعليم المجتمعى، وذلك وفقا للقانون 225 بغية إنقاذ عشرات الآلاف ممن تسربوا من التعليم أو لم يشاركوا فيه بداية، وذلك من سن 9-15 سنة، لكن حتى الآن لم يتحقق المرجو من تلك المؤسسات التعليمية، إذ بقيت النسبة كما هى المذكورة عالية.
إن أحد أهم سبل القضاء على تلك الظاهرة، يكمن فى مواجهة أسباب التسرب، وعلاجه حال حدوثه. ولعل أحد أهم أسباب العلاج هو القضاء على الفقر باعتباره أحد أهم أسبابه. فمصروفات الدراسة أكثر الأسباب المؤدية لحث الآباء على تسرب أبنائهم من التعليم، إما للحد من ضغوط الحياة ونفقاتها، أو للمساعدة فى عمل الأب خارج المنزل والمدرسة على السواء. كما أن الاهتمام التربوى لمنع التمييز بين الطلاب داخل المدرسة والتمييز بين الأبناء داخل الأسرة هو علاج نفسى مهم للحد من سبب آخر لظاهرة التسرب، خاصة بين البنات. وعن علاج هذا الظاهرة، فهو يكمن بالأساس فى الدور المحورى الذى تلعبه مؤسسات المجتمع المدنى للقضاء على التسرب، لذلك من المهم سن البرلمان للتشريعات الفاعلة فى هذا الصدد، والتى تدعم نشاط تلك المؤسسات، بدلا من فرض القوانين التى تعيق عملها كما صدر العام قبل الماضى من قانون مقوض لحركة المجتمع المدنى. كما أن إصدار التشريعات والقرارات من قبل وزارة التربية والتعليم ووزارة التضامن الاجتماعى للاهتمام بمراكز التعليم المجتمعى، والقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع، إلى جانب اهتمام الدولة بالتعليم الأساسى والفنى يعد واحدا من أهم الأمور للخلاص من تلك الظاهرة الكارثية.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع