توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحو استراتيجية حقوق الإنسان

  مصر اليوم -

نحو استراتيجية حقوق الإنسان

بقلم : عمرو هاشم ربيع

أحسن الرئيس عبدالفتاح السيسى صنعًا بأن أطلق هذا الأسبوع «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان». وعلى الرغم من أن البعض يحسب أن تلك الخطوة جاءت متأخرة عن موعدها بأكثر من ست سنوات، حينما حكم الإخوان مصر لمدة عام، فارتكبوا ما ارتكبوا من نواكب، بما شمل وقتئذ وعقب ذلك أعمال عنف وإرهاب، إلا أنه كما قال البعض قديمًا «فلتأتى متأخرًا أفضل من أن لا تأتى».

هنا يبقى السؤال ماذا كان يقصد الرئيس؟ وكيف يمكن لما قاله أن يرى النور على أرض الواقع بحسب كون الاستراتيجية هى العمل على وجود مخطط أو خارطة طريق؟
بداية يجب أن نشير من حيث الشكل، إلى أنه يُحمد للرئيس أنه لم يتم تكرار ما سبق وإن ذُكر إعلاميا فى أكثر من مناسبة، عندما كان النظام السياسى يتعرض لانتقادات حول سجل حقوق الإنسان، من أن هناك حقوقا اجتماعية واقتصادية متحققة على أرض الواقع، وأنها أهم من الحقوق السياسية التى لا يرى المنتقدون سواها. ما يعنى أن عدم تكرار تلك المقولة اليوم إنما يعنى إيمان الرئيس بتكامل الحقوق الثلاثة دون نقصان. وكيف لا تتكامل فى ظل ارتباط البعدين الاقتصادى والاجتماعى بالبعد السياسى، خاصة ونحن فى حاجة ماسة لقدوم الاستثمارات الأجنبية التى لا تأتى لأى دولة يحبو سجلها فى مجال حقوق الإنسان.
ثانيًا: من حيث المضمون فإن أية استراتيجية لحقوق الإنسان إنما يجب أن تنطلق مما هو أبعد من مجرد خطوات إجرائية لتحسين سجل مصر بشأن تنفيذ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، التى رسمها المجتمع المتمدين منذ عدة عقود، ومن ثم الحاجة إلى رسم خطة عمل متكاملة وهيكل متجذر، وليس مجرد بنود أو ممارسات محددة.

ثالثًا: إن الحديث عن الخصوصية المصرية التى كثيرًا ما أشار إليها الرئيس الأسبق حسنى مبارك عند رده على الانتقادات الدولية لسجل مصر فى هذا المجال خلال فترة حكمه، إنما ينطوى على خداع لا يجب العودة له عند الحديث عن الاستراتيجية أو عند الرد على المواقف الخارجية الناقدة. إذ إن الخصوصية هنا كانت تعنى كما لو كان القدر قد كتب على وجه المصريين «يحكم بالطوارئ» أو «يعذب فى السجون».. إلخ. وبالتوازى لا يجب أيضا العودة لسياسات مبارك التى ترمى للحاجة لإسرائيل لرفع الابتزاز الأمريكى فى سجل حقوق الإنسان.

رابعًا: على الرغم من أن البعض يعتبر أن هناك ما يسمى بترصد خارجى موجه لمصر من قبل منظمات أجنبية ودول بعينها، إلا أن ذلك الأمر لا يجب أن يكون هو ديدن العاملين فى الاستراتيجية المعلنة لحقوق الإنسان. خذ على سبيل المثال الحديث المتكرر عن أن تلك المنظمات أو الدول مدفوعة من قبل جماعة الإخوان السلمين. هذا الحديث فوق كونه يتسم بالخفة، فهو يعظم من قوة الإخوان التى هى أصلا لم تعد قائمة بعد أن أصابها الوهن.

خامسا: إن العمل على خلق استراتيجية لحقوق الإنسان يجب أن يرتبط بقيام المجتمع المدنى بأداء دوره كاملا دون العمل على تخوين أو ترديد اتهام كونه طابورا خامسا أو غيره من التعبيرات التى مردت أبواق إعلامية على ترديدها. بعبارة أخرى، فإن حرية المجتمع المدنى وخاصة المنظمات الدفاعية منه هو السبيل المهم لدعم تلك الاستراتيجية، دون تكرار ما سبق من اتهامات بوجود تمويلات خارجية أو خلافه، كلما رصدت هذا المجتمع سلبيات محددة.

سادسا: إن وضع استراتيجية حقوق الإنسان يجب أن يشارك فيه الجميع، بمعنى أن المؤسسات الرسمية وغير الرسمية هى المعنية بهذا الأمر برمته. من هنا تأتى دور وزارات الداخلية وجميع الأجهزة الأمنية والبرلمان على قدر المساواة مع المؤسسات غير الرسمية المعنية مباشرة بهذا الملف كالمجلس القومى لحقوق الإنسان والمنظمات المصرية العاملة فى هذا المجال، بل والمنظات الأجنبية المعنية والتى يجب دراسة إعادة فتح مكاتبها فى مصر كغيرها من الدول المتقدمة والنامية.

أخيرًا، يأتى دور الأمور الإجرائية المهمة للغاية ومحل الانتقاد كبداية للعمل على بدء الخطوات الأولى فى تنفيذ الاستراتيجية. ويقصد بذلك ما يتصل بدعم حرية الرأى والتعبير وحرية الصحافة والإعلام واستقلال القضاء وانطلاق المجتمع المدنى وتهيئة المناخ الكامل لعمل الاستراتيجية مثل إعادة تقييم أوضاع السجون والسجناء والحبس الاحتياطى، وإلغاء العمل بقانون الطوارئ. وتحقيق كل ما يهدف إلى دعم حق الانتخاب كإلغاء العمل بنظام التعيين المقنع المسمى بالقائمة المطلقة، وانتخاب أعضاء المجالس المحلية. وفوق كل ذلك دعم جهات الرقابة، بما يكفل ملاحقة أية خروقات لحقوق الإنسان، وبحيث تكون الأجهزة المصرية قبل الأجنبية هى الرقيب على سجل حقوق الإنسان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحو استراتيجية حقوق الإنسان نحو استراتيجية حقوق الإنسان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon