بإعادة تجميع بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2015 /2016 يوجد فى مصر 383486 فصلًا دراسيًا فى التعليم العام، تحوى 16845832 طالبًا، بمتوسط 43 طالبًا لكل فصل، وفى التعليم الابتدائى على وجه الخصوص يوجد 234441 فصلًا بعدد طلاب 10638860 طالبًا، بمتوسط 45 طالبًا لكل فصل.
وفى التعليم الأزهرى تبلغ نسبة الطلاب فى الفصل 32 و31 و30 طالبًا، فى مراحل التعليم الثلاث على التوالى.
وفى التعليم الفنى بأنواعه يبلغ عدد الفصول 46517 بها 1710686 بمتوسط 37 طالبًا لكل فصل.
أما مدارس التربية الفكرية أو الخاصة، ووفقا لبيانات 2016 /2017، فيوجد 4606 فصول بها 38792 طالبًا بمتوسط 8 طلاب للفصل.
البيانات السابقة تشير إلى أن مشكلة تكدس الفصول هى بالأساس تخص التعليم العام، وتستفحل فى التعليم الابتدائى، وتقل فى الإعدادى، وتبدأ فى الانحسار فى الثانوى. لكن من المهم الإشارة إلى أن المتوسط السابق يبدو خادعًا، لأنه يتضمن المدارس الخاصة ذات الكثافة المحدودة نسبيًا.
وإذا أخذنا كذلك تباين التوزيع الجغرافى للمدارس والتوزيع السكانى فى الاعتبار، تبين سبب كثافة الفصول التى تخطت 100 طالب فى بعض المناطق.
يزيد من حجم المشكلة يومًا بعد يوم زيادة معدل الخصوبة، الذى وصل بعدد السكان إلى نحو 2.5 مليون فرد سنويًا.
ويزيد منها أيضا وجود مدارس عتيقة، ما يجعل معدل الترميم والصيانة مستمرًا، وهنا وفقا لإحصاء وزارة التعليم، إننا نرمم حاليا 884 مدرسة، ويشار أيضا للحاجة العاجلة فى المناطق المحرومة إلى 33 ألف فصل دراسى.
المشكلة السابقة ترتبط بمشكلات أخرى، أهمها سوء توزيع المدرسين، خاصة عزوف الكثيرين عن العمل فى المناطق البعيدة عن سكنهم.
أبرز تداعيات الكثافة الكبيرة للفصول هو عدم فهم الطلاب للدروس، وعدم التعاطى مع المدرسين، بسبب الأعداد الكبيرة، ومعاناة المدرسين بسبب التنوع الفكرى للطلاب مع كثرة عددهم.
المؤكد أن كل ما سبق يجعل أولياء الأمور يلجأون إلى الدروس الخصوصية أو مراكز التعليم الخارجية، التى أصبحت هى الأخرى غير بعيدة عن الكثافة الكبيرة. والمحصلة فى التحليل الأخير تدنى مستوى المخرج النهائى للعملية التعليمية، وهو الطالب، ما يؤثر بالتبعية على الجامعات، ومن ثم على حال التنمية البشرية فى المجتمع ككل.
وفقا لخطة التنمية المستدامة 2030، فإن هناك حاجة إلى تخفيض الكثافة إلى 35 طالبًا. يحتاج الأمر إلى أكثر من 2 مليار جنيه، لذلك تبدو الحاجة كبيرة فى المرحلة القادمة لرجال الأعمال. الحِس الاجتماعى لدى بعض من هؤلاء ما زال ضعيفًا، مثله كالحس الاقتصادى المريض المتمثل فى التهرب الضريبى والجمركى، والحس السياسى الضعيف المتمثل فى المال الانتخابى المصروف ببزخ.
لذلك يبدو أن الدولة فى أمسِ الحاجة إلى تشجيع المال الخاص على الإنفاق على هذا العمل القومى المهم. التنسيق بين وزارة الأوقاف التى تمتلك المليارات من مال الوقفين الأهلى والخيرى مهم لتعبئة الجهود المالية بالتعاون مع صندوق مصر السيادى لتعظيم الاستفادة من الأصول غير المستغلة.
وأخيرا وليس بآخر، وعلى المدى البعيد، من المهم تشجيع المواطنين على التبرع بأراضٍ خاصة لبناء مدارس، مقابل تسميتها بأسماء ذويهم.
أحد الحلول الوقتية المهمة يتمثل فى العودة لنظام الفصلين الصباحى والمسائى، فغالبية المدارس تغلق أبوابها من الواحدة ظهرا.
أمر آخر ربما يفيد وقتيا، ويكمل الاقتراح السابق، وهو إعادة الدراسة يوم السبت، ما يخفف من عدد ووقت الحصص، ويتيح بالتالى من وجود فترة مسائية.
استغلال مراكز الشباب العاطلة مهمٌ أيضا فى تخفيف الأعباء وقتيًا.
سرعة ترميم المدارس المنكسة مهم، خاصة من قبل رجال الأعمال غير القادرين بالضرورة على تأسيس مدارس جديدة.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية