بقلم - عمرو هاشم ربيع
كثرت الأصوات الباطلة فى انتخابات الرئاسة التى جرت الأسبوع الماضى، ما جعلها ظاهرة تستحق البحث والدراسة.
ويقصد بالأصوات الباطلة، الأصوات التى لا يجرى حسابها عند قيام السلطات المختصة بعمليات الفرز، نظرا لكون بطاقة الاقتراع الدالة على هذا الصوت غير ذات معنى. وتعتبر بطاقة الاقتراع باطلة عندما تترك بيضاء (فارغة دون تصويت) أو يجرى تمزيقها، وحينما لا تحمل البطاقة الختم الرسمى لهيئة الانتخابات. كما تعتبر البطاقة باطلة عندما يجرى التصويت فيها بشكل غير صحيح، ولعل أبرز الحالات فى هذا الشأن، هى الكتابة على البطاقة للدلالة على شخصية الناخب بما يضر بسرية التصويت. كما يعتبر الصوت باطلاً إذا جرى التصويت لأكثر من مرشح فى حالة استخدام نظام الأغلبية أو التصويت لعدد أكثر أو أقل من المرشحين عما هو مقرر فى النظام الانتخابى، أو الإشارة إلى القضيتين محل الاختبار بينهما معا فى الاستفتاءات، أو عند التعليق على موضوع الاستفتاء أو الانتخابات ومرشحيه فى بطاقة الاقتراع بشرط أو بوصف، أو إضافة أو حذف أى أسماء أو عبارات بالبطاقة.
وبعد 25 يناير خرج المصريون للاقتراع والاستفتاء أكثر من مرة، وتعددت فى كل مرة الأصوات الباطلة، ففى الاستفتاءات الثلاثة التى جرت على الدستور أعوام 2011 و2012 و2014 كانت نسب تلم الأصوات على التوالى 1% و1،8% و1،2% على الترتيب. وفى الانتخابات الرئاسية التى جرت عامى 2012 (جولة أولى) و2014 كانت النسب 1،7% و4،1%. وفى الانتخابات البرلمانية لانتخاب مجلس النواب فى 2011 و2015 فى (المرحلة الأولى فى الانتخابين) كانت النسب 5،1% و8،1%. وتشير تلك الأرقام للعديد من الملاحظات المهمة.
أولا: أن الأصوات الباطلة تتوقف نسبتها على موضوع الاقتراع، فكلما كان موضوع يتعلق بانتخاب كانت كبيرة، وكلما كانت تتعلق باستفتاء كانت محدودة. اللهم إلا فى استفتاء 2012 حيث كانت النسبة أكبر قليلا من انتخابات الرئاسة 2012 (1،8% و1،7%). وهو ما يرجع على ما يبدو إلى إبطال البعض صوته عمدا فى الاستفتاء المثير للجدل على الدستور والذى رفضته أغلبية القوى المدنية وقتئذ.
ثانيا: إن كم الأصوات الباطلة تحدده سهولة موضوع الاقتراع أو صعوبته. بعبارة أخرى، كلما تعذر فهم الناخب لما سيقترع عليه كلما أدى ذلك لإرباكه. هنا يبرز تعقد النظام الانتخابى فى انتخابات 2011 وانتخابات 2015 البرلمانية كسبب رئيس لزيادة البطلان. حيث اقترع الناخب فى صندوقين فى وقت واحد أحدهما للفردى والآخر للقوائم عام 2011، كما اقترع مرتين أيضا عام 2015 مرة لمرشحى القوائم المطلقة ومرة للمرشح الفردى. ما أدى لعدم فهمه وتجاوز نسبة الأصوات الباطلة فى المرتين لحاجز الـ 5%.
ثالثا: كلما زادت حدة الاستقطاب على موضوع الاقتراع قلت الأصوات الباطلة، ولعل السبب فى ذلك يرجع إلى حشد كافة القوى لناخبيها، وشرحهم لهم طبيعة الأمر المقترع عليه. وهو ما تمثل فى حالة التجييش والتعبئة الكبيرة بين القوى المدنية والإسلامية فى المجتمع عقب يناير 2011 حتى بعد 30 يونيو 2013 مباشرة. هنا نقارن الأصوات الباطلة فى استفتاء 2011 و2012 والرئاسة 2012 والرئاسة 2014 بكل ما عداها من نسب البطلان الأخرى، حيث تراوحت فى هذا الصدد ما بين 1 إلى 1،8% فقط.
رابعا: زيادة حالات بطلان الصوت كلما كان هناك اعتراض على موضوع الاقتراع، وهو ما يمكن تلمسه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة. حيث زادت نسبة البطلان بشكل فاق كل التوقعات. فذهب الناخبون للاقتراع للتعبير عن عدم رضائهم على عدم وجود مترشحين، أو بالأحرى منع المترشحين من الترشح، كما حضر بعضهم وأبطل صوته خشية الغرامة المالية فقط، أو انتقاما ممن حثهم عنوة على المشاركة.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع