بقلم - عمرو هاشم ربيع
أعلن حزب الوفد قراره النهائى برفض ترشيح رئيسه د. السيد البدوى لانتخابات الرئاسة. ربح الوفد وربح رئيسه. القرار أكد موقف الوفد الثابت المتخذ منذ عدة أسابيع بدعم الرئيس السيسى ومن ثم رفض ترشيح أحد قيادات الحزب.
ربح الوفد لأنه وفقاً لمن حضر اجتماع الهيئة العليا لن يكون الحزب ساتراً أو محللاً. وربح أيضاً بسبب تعامل رئيس الحزب مع مسألة قرار الهيئة العليا وكأنه تحصيل حاصل، فراح يقدم على «كشف طبى مستعجل» للحاق بقطار الانتخابات خاوى الركاب.
فى المقابل أيضاً ربح «البدوى» بقراره الانفرادى وفى نفس الوقت خضوعه لقرار الهيئة العليا. سياسى داهية، برَّأ نفسه أمام من هم خارج الوفد. وكأن لسان حاله يقول لهؤلاء «العيب بالحزب وليس بى». من اليوم يرى طرف أن أعماله الخاصة لن تُمسَّ، وربما يتباطأ مع عدم المساس بها تنفيذ ثلة الأحكام الصادرة بحقه، أو لتؤجل لعدة أشهر لتوفيق أوضاعه. أكبر مشكلات البلدان النامية أن ترى رئيس الحزب رجل أعمال، هنا تصبح كل قراراته الحزبية فى كفة وأعمال المزايدات والمناقصات والضرائب والجمارك وغيرها بما يتصل بالعلاقة مع الدولة فى الكفة الأخرى.
أما الطرف الآخر فهو كما هو، كل حسنات ونكبات الآخرين تُدخر داخل الأدراج، رد الفعل- ثواباً أو عقاباً- مؤجل عند الحاجة، هذا ما حدث مع آخرين نعرف كل مصائبهم، وفسادهم، لكن الفاتورة مؤجل دفعها عند التطاول على من لا تطاول عليهم. سياسة اتبعها مبارك مع بكرى وعيسى ونور وأبوالفتوح وأباظة وغيرهم، وثبت نجاحها وفهم الجميع الدرس، لكن رغم الذكاء الذى ظهر فى اتباع السياسة السابقة على المدى القصير فإن مبارك خسر كثيراً على المدى البعيد.
الآن، وبالنسبة للقرارات المتخذة بشأن الانتخابات يتضح أن الإدارة السياسية، قبل القانونية، لها مازالت تحبو؛ فالبدوى بمشاركته فى الانتخابات كان سيكون بمثابة ملاذ للخلاص من عقدة انتخابات التزكية. أحد الأسباب الرئيسة فى اتخاذ قرار المشاركة هو المأساة الكبرى المتمثلة فى أن مؤسسات كثيرة لم تعِ نتيجة وتداعيات ما حدث فى المشهد الانتخابى فى الأيام الماضية؛ إذ إنها عالجت الموضوع من زاوية قانونية صرفة، وتركت الجوانب السياسية المتصلة بالمواءمة وصورة مصر، فراحت تصول وتجول وتتخذ أولاً قراراً بالضغط على هذا، واستبعاد ذاك، ومن قبل هذا وذاك توقيف فلان، وإيصال آخر لليأس حتى لا يخوض معركة محسومة نتيجتها، وقناعة خامس بأنه لا جدوى من العملية برمتها حتى بعد التوكيلات التى حصدها. المشهد السابق غريب الصورة، وجعل هناك ردود أفعال شديدة اللهجة تصدر من الغرب، كنا بالتأكيد فى غنى عنها، ويعتقد أن ردود أفعال أخرى ستأتى بعد أن تستغل جماعة الإخوان الإرهابية المشهد وتسوق له، بعد أن أمسكناها بأيدينا السلاح الذى تحاربنا به. ستقارن الجماعة بين الإجراءات التى خاضت فيها الانتخابات عام 2012 وإجراءاتنا، وتنعى دستورها مقابل دستورنا، وهكذا.
ماذا كان سيحدث لو جرت الانتخابات وهناك 5 متنافسين أو أكثر، حتى لو أعددنا من يوكل من الناخبين ومن يزكى من النواب. يقيناً- إذا فعلنا ذلك- كان مرشحٌ سيفوز بنسبة لا تقل عن 80%، والباقون سيحصلون على الـ20% الباقية، وفى جميع الأحوال ستحسم المعركة من الجولة الأولى. لكن رغبة بعض الأجهزة البيروقراطية فى إحراج مصر بأن تجرى الانتخابات بلا مترشحين، أملاً فى الاكتساح الكامل عبر التزكية، أوصلتنا لما نحن فيه. فى آذانهم وَقْرٌ وعلى قلوبهم أَكِنَّةٌ أن يفقهوا كيف تُدار المطابخ الانتخابية خاصة ولعبة السياسة عامة. فى عهد الديكتاتور مبارك جرت انتخابات الرئاسة الأخيرة بين نحو 10 مترشحين حتى تنطلى العملية على الغرب، وكان السادات يجيد ما كان يسميه «فن الإخراج»، أى كيف يخرج على الناس بخبر أو واقعة أو حدث حتى تكون قابلة للتصديق.
الآن انتهى الموقف، ويصبح الجميع فى انتظار انتخابات 2022، انتخابات يأمل الكثيرون ألا يسبقها تعديل فى الدستور.
نقلا عن المصري اليوم القاهريه