بقلم - عمرو هاشم ربيع
بمجرد إعلان الفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، ترشحه للرئاسة ليلة السبت الماضى اشتعلت معركة الرئاسة، وبدت وكأننا على حافة انتخابات بها طعم التنافس. الانتخابات - من حيث الشكل - لم ولن تكون انتخابات حقيقية مادامت انتخابات رجل واحد، فهى بمجرد كونها كذلك تتحول إلى استفتاء أو حتى مبايعة. ومن حيث الموضوع تصبح الانتخابات جادة حال غموض نتائجها، وعدم توقُّع الفائز فيها حتى عشية إعلان النتائج، تماماً كما نشاهد فى الانتخابات الأمريكية، وكما شاهدنا فى انتخابات 2012 الرئاسية فى مصر.
الجديد فى هذه المرة، مقارنة بالانتخابات السابقة، أن تلك الانتخابات تجرى بعد أن استقرت الأوضاع السياسية، مقارنة بما كان عليه الحال عام 2014. فى هذا العام كان معيار الاختيار يرتبط بحال عدم الاستقرار الذى فرضته جماعة الإخوان على المشهد السياسى. وبطبيعة الحال كان للمؤسسة العسكرية الحظ الأوفر والأفضل لدى الناخبين لإنقاذ مصر من براثن الإرهاب، وبسبب تاريخ هذه المؤسسة ورصيدها لدى الشعب إبان أحداث 25 يناير2011.
اليوم لا يستطيع أى مرشح أن يراهن على تلك الحالة. لكن المؤكد أن الرئيس الحالى (قاهرى المولد) عبدالفتاح السيسى، وكأى رئيس يُعاد ترشيحه، سيستغل رصيده لدى الشارع. البعض يرى هذا الرصيد جيداً، إما بسبب استمرار مواجهة الإرهاب، أو بسبب ما يعتبره هؤلاء حصاد إنجازات كبيرة تحققت على الصعيدين الاقتصادى والاجتماعى، ولاسيما فيما يتعلق بتأسيس عدد كبير من المشروعات، وإما بسبب وجود مقبولية لدى المؤسسة العسكرية تجاهه والعكس، رغم وقوف تلك المؤسسة على الحياد فى هذه الانتخابات من الناحية الرسمية. وأخيراً وليس آخراً، فإن حظوظ الرجل كبيرة للغاية من زاوية كونه رجل دولة، ورجلاً له تجربة مشهود لها فى دوائر الحكم والسلطة داخل مصر خارجها، أو ما يطلق عليه المثل المصرى «اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش».
فى المقابل، يجد البعض أن ما حققه الرجل ربما لا يتعدَّى بعض ما وعد به من إنجازات عام 2014، وأن البلد شهد خلال حكمه حالة من الغلاء غير المسبوق يُقرُّ هو بها رغم ما تحقق من نجاح، ناهيك عن وصول حجم الدين الخارجى إلى 80 مليار دولار، إضافة إلى حال التعليم والصحة اللذين يُرثى لهما.
على الوجه المقابل فإن الفريق عنان، ابن الدقهلية، رغم انتمائه للمؤسسة العسكرية فإن بُعْده عن العمل العام عامة والسياسى خاصة منذ تقاعده يبدو أنه خصم من رصيده، على الأقل بسبب عدم تواجده إعلامياً على الساحة، كما أنه يكبر الرئيس السيسى بنحو سبع سنوات. فريق «عنان الرئاسى» الذى اختير بعناية يبدو أنه سيجلب له المشكلات. ضمن هؤلاء المستشار هشام جنينة، الرجل غير الإخوانى لكن المفضل للإخوان، ما يخصم من رصيد الرجل لدى الشارع الكاره للإخوان. ذكريات «عنان» إبان 25 يناير ربما يجترُّها البعض لغير صالحه، فهو من استُدعى أو من أرسله مبارك للولايات المتحدة لترتيب الأوضاع بمصر فى يناير 2011، وهو ما نفاه مراراً مؤكداً أن الزيارة كان مخططاً لها قبل عدة أسابيع من الأحداث. الرجل على أقل تقدير ربما يجمع أصواتاً كثيرة من المحبين لجماعة الإخوان، ليس فقط بسبب وجود المستشار جنينة ضمن فريقه، ولكن كتصويت عقابى من قِبَل ناخبين يكرهون المرشح المقابل.
أما خالد على فهو المرشح الأصغر سناً حتى الآن (مواليد 1972 بالدقهلية)، وله رصيد أكبر من «عنان» فى العمل العام، معروف عنه المشاغبة فى المجال الحقوقى. لا ينتمى من قريب أو بعيد للمؤسسة العسكرية، ما يجعل رصيده محدوداً من قِبَل الناخبين الأكثر ثقة للمترشحين المنحدرين من تلك المؤسسة. خاض «على» - عكس «عنان» - انتخابات 2012، وكان له دور ثورى بارز فى أحداث 25 يناير، وفى أروقة المحاكم دفاعاً عن حقوق العمال. لم يشارك - مثله مثل عنان - فى انتخابات 2014، التى رفضها رغم موقفه المناوئ للإخوان.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية