بقلم - عمرو هاشم ربيع
بعد أيام تبدو قليلة ستعلن الهيئة الوطنية للانتخابات عن فتح باب الترشيح وإعلان الجدول الزمنى لانتخابات الرئاسة، قبلها بوقت قليل سيعلن عن دعوة الناخبين لانتخابات الرئاسة.
فى ظل تلك الأوقات دائما ما ينظر المواطن وبالأحرى المراقب للأجواء التى ستجرى بها الانتخابات، ومدى جديتها أو حاجتها إلى أن تكون جيدة وهى تنتظر هذا الحدث المهم، والذى سيختتم بانتخاب رئيس للبلاد حتى العام 2030.
بالطبع الكل ينتظر أن تدور الانتخابات فى مناخ أو بيئة سياسية تتسم بالاستقرار، وبعيدة عن كل ما يعكر صفو الانتخابات.
واحد من الأمور المهمة فى شأن ترطيب الأجواء لإجراء الانتخابات هو ما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل أسابيع عن رفض أى خفض جديد فى قيمة العملة المحلية، وبالتوازى رفع سعر الدولار. رئيس الدولة قال ذلك صراحة، وأنتقد أى رغبات من قبل صندوق النقد الدولى لذلك، على اعتبار أن الناس تئن من الغلاء وارتفاع الأسعار. تصريحات الرئيس رغم أن البعض ينظر إليها باعتبارها مؤشرا متميزا للرغبة فى تمرير الاستحقاق الانتخابى بشكل سوى. أيضًا ما قام به الرئيس خلال الأسابيع الماضية من إصدار قرارات بالعفو الرئاسى، عن بعض المحكوم عليهم فى قضايا ترتبط بحرية النشر والتعبير... إلخ. كل ذلك كانت محامده كبيرة.
إبان انتخابات الرئاسة التى كانت تجرى خلال حقبة الرئيس الأسبق حسنى مبارك كان هناك الكثير والكثير من الإجراءات التى تتخذها السلطة التنفيذية بغرض التعامل مع الاستحقاق الانتخابى بقدر معتبر من الجدية. فعلى سبيل المثال، كان هناك تأكيد على جانب النزاهة فى البيانات المعلنة، وكان ذلك يبدو واضحًا فى الإعلان عن أن نسبة المشاركة فى الاقتراع فى انتخابات 2005، وهى أول انتخابات تعددية تجرى فى مصر كانت 29%. وكان هناك دعم للمناطق الأكثر فقرًا واحتياجا كسيوة، من خلال مدها بالغذاء وخلافه. لكن كان هناك بالمقابل إجراءات أخرى وضعت بغرض ترطيب الأجواء، لكنها كانت فى واقع الأمر مخيبة للآمال فى شأن المصلحة العامة. خذ على سبيل المثال رفع غرامات الأرز على المزارعين الذين يزرعونه فى مناطق غير مخصصة لزراعته وهو ما يسبب شح المياه فى محافظات المصب، وكذلك إغماض الحكومة أعينها عن تجاوزات البناء على الأرض الزراعية وهو أمر يساهم فى تجريف التربة وزيادة فجوة الغذاء... إلخ.
اليوم أيضا توجد أمور لا تبدو طيبة، فالبعض يرغب فى إجراء انتخابات فى جو مشحون بالشجون فى حين أن رئيس الدولة لديه رغبة فى تمرير هذا الاستحقاق فى يسر وسهولة ونوع من المحبة بين الناس، وحسن نوايا بين المجتمع والدولة.
لا شك أن إعادة توقيف البعض بسبب قضايا النشر وحرية الرأى هو واحد من أكبر الأمور التى تسبب غضبا للناس مع قرب هذا الاستحقاق المهم، والذى يرجى منه أن يكون بمثابة فتح صفحة جديدة يسودها جو من الوئام بين الناس.
إعادة المواقع الإلكترونية إلى العمل بعد توقف وحجب الكثير منها هو أيضًا واحد من الأمور التى من خلالها تعود الثقة فى العلاقة بين المجتمع والدولة. فما دامت تلك المواقع لا تدعو إلى عنف أو تروج لإرهاب، أو لفتنة طائفية، فلا داعى للقلق منها على الإطلاق.
يتعجب الناس كثيرًا، من أن دولة كبيرة فى حجم مصر، يمكن أن تهتز من مقال أو رسم أو تصريح أو بوست على مواقع التواصل الاجتماعى، مهما كان هذا الرأى ناقدا أو فاسقا عن النهج العام.
على ذات المنوال فإن سرعة الإفراج عن الموقوفين احتياطيًا هو الآخر من أهم مسببات المُناخ السهل واليسير، ما يجعل أجواء الاستحقاق الانتخابى تمر بسهولة ودون أية مضايقات أو رذائل.
بنفس الوسيلة، يجد المرء أن تفعيل قانون المنافسة ومنع الاحتكار عبر تدخل الدولة للحد من غلاء الأسعار هو من مؤشرات فتح صفحة جديدة مع الناس قبل الانتخابات، لا سيما بالنسبة للسلع المحلية والتى لا يجد المرء مبررا لرفعها، فالبيض مثلا ارتفع سعره منذ أيام قليلة ليصل إلى 150 جنيها للكرتونة رغم انخفاض أسعار العلف من 20 ألف جنيه للطن إلى 12 ألف جنيه، وهو أمر لا يجد المرء له مبررا إلا الاستغلال ونحن على أبواب دخول المدارس.
غاية القول إننا نحتاج لا سيما فى تلك الأيام إلى إشاعة مُناخ من الثقة، والمتابعة والرقابة والمحاسبة والعلانية والشفافية، حتى لا تقوم مؤسسة بهدم ما تصنعه مؤسسات أخرى لدعم وإنجاح الاستحقاق الانتخابى.