بقلم - عمرو هاشم ربيع
مرة أخرى، تطالعنا الأخبار يوميًّا عن المزيد من حوادث الطرق، فرغم النقلة النوعية فى جودة الطرق إلا أن حوادث السير ما زالت فى ارتفاع. إصابات يومية وخسائر بشرية ومادية لا حصر لها، بسبب استخدام أدوات النقل المختلفة. بالطبع حوادث الطرق هى الأكبر على مستوى السيارات، مقارنة بالقطارات. الأخيرة أى حوادث القطارات هى الأكثر فتكا، لكنها والحمد لله قليلة للغاية. وحوادث الطرق هى الأكبر مقارنة بحوادث النقل البحرى، ومن باب أولى الجوى.
فى الشهر الحالى، أى خلال الأسابيع الأربعة الماضية، توجد بيانات لا حصر لها عن حوادث طرق فى العديد من المحافظات المصرية، أغلبها فى الطرق السريعة. وإذا كانت تلك الحوادث ناتجة عن مشكلات بشرية تتعلق بالسائق (قائد المركبة أو قادة المركبات المجاورة)، والأحوال الجوية، وسوء المركبة، وسوء الطرق، فإن السبب الأول، أى قائد المركبة، هو بدون شك الأكثر تأثيرا فى حوادث الطرق، خاصة بعد جهد الدولة لمعالجة الخلل فى السببين الأخيرين المتصلين بسوء المركبة ومساوئ الطرق. وضمن السبب الأول (العنصر البشرى) فإن الأكثر شيوعا هو التصادم الخلفى، وهو ناتج عن تشتت انتباه قادة السيارات، أو سوء تقديرهم. أما السبب الثانى المتعلق بسوء الأحوال الجوية، فهو فى المرتبة الثانية فى تحمل مسئولية الحوادث، وربما تزداد أهميته مع السبب الأول فى القيادة فى فصل الشتاء، حيث تزداد نسبة الشبورة المائية التى تصل أحيانا لحد الضباب.
فى النشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات لعام 2022، الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ــ ذكرت أن عدد إصابات حوادث السير زادت فى العام 2022 مقارنة بالعام 2021، حيث بلغت عدد الإصابات 55 ألفا و991 إصابة عام 2022، مقابل 51 ألفا و511 عام 2021، بنسبة زيادة بلغت 8.7%. ووفقا للنوع، كانت ضحايا تلك الحوادث من الذكور أكثر من أربع أضعاف النساء. وكانت محافظة الدقهلية هى الأكبر مقابل القليوبية التى كانت هى الأقل. أما عن ضحايا تلك الحوادث، فكانت فى المرتبة الأولى لمستخدمى الطريق (أى الركاب) بعدد 16607 إصابات، يليهم المشاة بعدد 15580 إصابة.
الآن يثور السؤال: كيف لهذا النزيف أن يتوقف؟ ينصح القائمون على المرور بوزارة الداخلية، والكثير من المتخصصين، بعديد الأمور التى لا تلقى بالا من المتسببين فى الحوادث. فالسير فى الضباب، ومخالفة السرعة القانونية، أو مخالفة الرؤية الطبيعية حتى لو كانت أقل من السرعة القانونية فى حالة الأحوال الجوية السيئة، كلها عوامل مهمة فى أسباب الحوادث، يضاف إلى ذلك عدم مراعاة المسافة بين السيارات، وعدم سير الشاحنات الكبيرة فى الحوارى المرورية المخصصة أو فى الساعات المخصصة لسيرها. كما أن واحدا من أهم المسببات للحوادث هو تعاطى العقاقير المخدرة أو حتى المسببة للنعاس، إضافة إلى عدم المواظبة على استخدام الإشارات الدالة على الانحراف المرورى، كل تلك هى الأسباب الرئيسة التى لو أضيفت إلى استهتار المشاة بالسير بين السيارات وتخطى الطرق فى أوقات وأماكن غير ملائمة، لاستكملت الصورة.
بالطبع ما يزيد من وطأة حوادث السير، عدم شد حزام الأمان على خصر قائد المركبة، أو عدم ارتداء خوذة الرأس لقادة الدراجات البخارية.
بالطبع فإن الوقاية من كل ذلك ترتبط بمراجعة الأحوال الجوية قبل السفر، ومراجعة حالة المركبة لا سيما جودة نظم الإضاءة والإشارات وصلاحية مساحات المياه والأتربة، وكذلك تجنب الانشغال بالهواتف الجوالة أثناء السير وإيجاد بديل عن الانشغال المباشر بها، أو جلوس الركاب النائمين إلى جوار السائق. كل ذلك هو من أهم السبل التى من خلالها يمكن تجنب عديد المشكلات المسببة للحوادث.
الأرجح أن تلك الظاهرة لن تنتهى، لكن معالجة المسببات تقى الكثير منها.