بقلم - عمرو هاشم ربيع
كثيرة هى الانتهاكات التى تحدث دوليا أو محليا عند تصوير الجنائز وسرادقات العزاء لكبار المشاهير من الشخصيات العامة، والفنانين، والرياضيين وغيرهم. وتقع تلك الانتهاكات بسبب خرق حرمة الحياة الخاصة، أو انتهاك حق الإعلام فى تعريف الجمهور ببعض الأمور التى يستشعر فيها الصحفى بوجود شغف شعبى لمعرفة الناس بما يدور خلف الكواليس فى تلك الأحداث.
بالطبع قد يبدو الأمر مشابها فى المسرات، أى عندما يكون الأمر متعلقا بتغطية عيد ميلاد أو عقد قران أو زفاف، لكن الأخير لا يثير عادة مشكلة بين الناس، لأنه عادة ما يكون أكثر تنظيما وإحكاما، ما يجعل خرق الخصوصية احتمالا مستبعدا مقارنة بمسألة الجنائز والتعازى التى ينشغل فيها المعنيون بتلك المناسبات الحزينة بأمور أخرى تتصل بالظهور بمظهر جيد لإنهاء مراسم الدفن والتعازى بشكل يليق بالمتوفى.
أول أمس الأربعاء تم تنظيم اجتماع بين نقابة المهن التمثيلية ونقابة الصحفيين للوقوف على هذا الأمر، واتفق على وضع قواعد للعمل الصحفى لتجنب أية مشكلات. بالطبع الأمر سيكون مطروحا للتطبيق على مراسم الدفن والعزاء للشخصيات العامة الأخرى وليس الفنانين فقط، ما يجعل تلك القواعد ذات أهمية كبيرة.
واحد من الأمور التى يجب العمل من خلالها فى هذا الصدد القيام بتدريب الصحفيين على أداء هذا العمل بحرفية عالية. فمن المفيد معرفة الفروق بين الشخصيات التى ماتت من حيث شعبيتها، وظروف الوفاة بين شخص وآخر، وكذلك إدراك الصحفى ماذا يتوقع منه الجمهور؟، وما هو دافع التغطية؟، وكيف يتعامل الصحفى مع أقارب وأصدقاء المتوفى؟... إلخ. الأحداث تثبت دوما أن الصور الشخصية هى الأقل عمرا، وأن ما يعيش ويبقى هو الصور العامة أو الجماعية، ما يجعل حال فهم ذلك معظم المشكلات فيما يتعلق بخرق الخصوصية قد حلت.
المؤكد أن الأمر يحتاج إلى وجود تنظيم من شعبة المصورين الصحفيين، ومنظمى الجنائز والسرادقات خاصة لو كانوا ضمن الشركات الخاصة بتنظيم تلك الأمور هنا قد يكون من الملائم تحديد مكان مخصص لمصورى الحدث، حتى لا يختلط الحابل بالنابل، ويصبح القادر على الاندساس هو القادر على الفوز بلقطة أفضل من غيره.
بالطبع وجود أجهزة تصوير دقيقة ربما توفر للصحفى قدرا كبيرا من عدم التسابق بغية منه أن يكون هو الأقرب من الحدث، وهو نعش المتوفى عند مراسم الدفن، أو من يتلقى العزاء والمعزيين داخل سرادقات العزاء.
واحد من الأخلاقيات التى يجب التمسك بها فى العمل الصحفى بالجنائز وسرادقات العزاء هو عدم التلصص لتسجيل الحوارات بين الناس، أو عدم اختلاس الصور الشخصية دون إذن، وعدم الاهتمام بإثارة الضوضاء أو حدوث إزعاج.
بنفس القدر فإن المهم من الطرف الآخر هو أن يكون قادرا على معرفة نتائج منع الصحفى من التغطية، وما قد يؤديه ذلك من بلبلة وإشاعات، ومن ثم فمن الأفضل السماح بمشاركة الصحفيين مع ضبط وتنظيم الحدث، لأن المنع الكلى قد يسبب مشاكل أكبر من الحضور بلا تنظيم. كما أنه من المهم أن يدرك أهل وأقارب المتوفى أن بعض المعزيين والحضور يهتمون أنفسهم بالتصوير ويشغفون بعمل حوارات معهم وتسجيل انطباعاتهم عن المتوفى وربما تصوير أزيائهم خاصة لو كانوا من السيدات.
من أبرز المشكلات التى ستجدها نقابة الصحفيين فى وضع قواعد العمل الصحفى فى الجنائز والتعازى، أنها قد تتحمل مسئولية أفعال اليوتيوبرز ورواد التواصل الاجتماعى المتواجدين، خاصة لو أن ما يقومون به وينشرونه قد يسبب إزعاج لأهل وأصدقاء المتوفى، هنا يجب توضيح الأمور حتى لا تختلط الأوراق، وحتى لا تتحمل النقابة أو الصحافة مسئولية أى عمل أرعن لا علاقة لها به. وهكذا يتأكد أنه رغم أهمية التنظيم لهذا الأمر، فإن وضع قواعد له ليست بالأمر الهين.