على مدى أكثر من عام ونصف العام، عقد مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بالتعاون مع لجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان، لقاءات عديدة (ورش عمل، وموائد مستديرة فى القاهرة والإسكندرية وشرم الشيخ)؛ بغرض البحث فى تعديل قانون الجامعات.
المقترحات الواردة هى حصيلة نقاش مطول بين خبراء فى التعليم الجامعى وأكاديميين، وبرلمانيين، وتنفيذيين، ووزراء تعليم سابقين، وخبراء أجانب.
بداية، نشير إلى أن قانون الجامعات من أعتق القوانين المصرية؛ إذ يحتاج بالفعل إلى تغيير شامل، بعد أن أصبحت جامعاتنا فى أدنى المراتب على سلم التعليم العالى والبحث العلمى فى العالم.
وأصبحت معظم الشهادات التى تمنحها الجامعات المصرية تحتاج لمعادلات، حتى من قبل البلدان التى ما فتئت حتى وقت قريب تستعين بمصر فى كل كبيرة وصغيرة تخص التعليم والصحة والبناء وغيرها من أمور.
التغيير المنشود يطال العلاقة بين الجامعة والطلبة، وبينها وبين أعضاء هيئة التدريس، وبينها وبين الموظفين، وكذلك السبل الكفيلة بإدارة رشيدة للجامعة، وعلاقة الجامعة بكل من المجتمع والدولة على السواء.
المحاولات السابقة أبرقت إلى إصلاح عاجل عوضًا عن تغيير شامل، عسى أن يكون الوقت فى المستقبل متاحًا له. المحاولات الحالية للإصلاح التى اقترحت فى النقاش لم توجل أن تخوض فى تحطيم الهياكل الحالية التى تسببت فى مشكلات كبيرة نالت من جودة التعليم وحوكمته وموازنته.
إحدى أهم هذه المحاولات تأسيس مجالس أمناء للجامعات الحكومية. الهدف الرئيس من ذلك هو إعطاء الجامعات مزيدًا من الاستقلالية واللامركزية والإدارة الذاتية، وضمان أكبر قدر من المساءلة والشفافية والمعايير الأخلاقية فى الأداء الجامعى، وضمان أفضل أداء للعملية التعليمية.
مجلس الأمناء هو المسؤول فى إطار السياسة العامة للدولة عن المقومات المادية والمعنوية للجامعة، وهو الملتزم بتعظيم قيمتها، وتنظيم العلاقة بالمجتمع، بما يضمن حسن الأداء.
المجلس سيتألف من 9 -21 شخصًا، يصدر بتعيينه فى المرة الأولى قرار من رئيس الوزراء، بناء على ترشيحات جمعيات الخريجين والجهات العلمية والأكاديمية والنقابات ومؤسسات الأعمال والصناعة، ورئيس الجامعة أحد أعضائه، فى إطار الضوابط القانونية التى تمنع تعارض المصالح.
وظيفة مجلس الأمناء وضع الاستراتيجيات وإقرار السياسة العامة للجامعة ومتابعة تنفيذها، وإقرار الخطة الاستثمارية والسنوية لمشاريع الجامعة الإنمائية، واعتماد الموازنة السنوية وتخطيط وتوجيه الاستثمارات واستخدام الأراضى، والموافقة على البرامج الأكاديمية.
المجلس هو المسؤول عن متابعة حسن الأداء للأمور التنظيمية والأكاديمية.
وهو من يرشح 3 أسماء لرئاسة الجامعة يصدر قرار من رئيس الدولة بتعيين واحد منهم.
وهو من يختار نائب رئيس الجامعة وعمداء ووكلاء الكليات والمعاهد ورؤساء الأقسام، ويصدر بكل هؤلاء قرار من رئيس الجامعة.
وهو من يراقب جودة التعليم والبحث العلمى بالاستعانة بهيئات مصرية ودولية، ويقر رسوم الخدمات التعليمية، ويضع سياسات تنمية الموارد الذاتية للجامعة، وسياسات قبول المنح والهدايا.
المجلس هو من يوافق على الحساب الختامى للموازنة، ويرفعها لمفوضية التعليم العالى التى ستنشأ، بدلا من المجلس الأعلى للجامعات (وسنتطرق لها فى موضوع لاحق).
والمجلس هو من يضع أسس علاقة الدولة بالمجتمع ومؤسسات الأعمال. وهو من يضع لائحة داخلية تنظم أعماله.
المهم أيضا أنه من يشكل لجنة دائمة لتعيينات وترقيات كل المناصب داخل الجامعة، وذلك من شخصيات عامة ومستقلة، يصدر بها قرار من رئيس الدولة.
تتولى اللجنة تلقى طلبات الترشيحات لتلك المناصب الجامعية، وفق شروط أكاديمية دقيقة تضعها اللجنة، وتجرى اللجنة مقابلات مع المترشحين، وتعتمد الاختيار فيما بينهم، ويقدم من يقبل تقريرَ إنجاز دوريًا للمجلس.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع