بقلم - وفاء بكري
صدمنى تصريح أحد أكبر رجال الأعمال فى مصر، عند رده على سؤال لمراسلة أحد المواقع الإلكترونية التابعة لقناة فضائية عربية، حول توقعاته للقطاع العقارى، الذى يمثل مجاله الأساسى فى الاستثمارات، فأجاب نصًّا: «إحنا حاليًا فى مرحلة الله أعلم»، كيف هذا الأمر؟. واحد من أكبر رجال الأعمال، له باع كبير فى القطاع العقارى، بخلاف استثمارات أخرى مع عائلته فى مصر وبعض دول العالم، ذو عقلية اقتصادية محترفة، جعلته ضمن قائمة أغنياء العالم، ليس لديه رؤية للمستقبل القريب للقطاع العقارى، الذى أصبح «الشغل الشاغل» للحكومة، على افتراض أن الحكومة ومسؤولى الدولة طلبوا اجتماعًا شاملًا مع رجال الأعمال الكبار فى كافة القطاعات، وعلى رأسها القطاع العقارى- إحدى أهم أذرع الدولة حاليًا فى الاقتصاد- لوضع رؤية شاملة لإصلاح الأوضاع أو حتى دعمها، فيكون رد رجل الأعمال- الأكبر على الإطلاق- بـ« الله أعلم»، هل أصبح الوضع بائسًا إلى هذه الدرجة؟. هل لم تعد لدينا رؤية لحاضرنا ومستقبلنا القريب؟. عندما أعلنت الحكومة، الأسبوع الماضى، عن استراتيجية الدولة 2030، أكدت أنه تم وضعها بالمشاركة مع أكثر من 40 خبيرًا اقتصاديًّا والمعنيين بالأمر، وبالتأكيد استمعت إلى رؤية عدد من رجال الأعمال الكبار، هل كان جوابهم أننا فى مرحلة «الله أعلم»؟.
هذا التصريح يجعلنا نطالب بفتح حوار مجتمعى مع المستثمرين الكبار ورجال الأعمال وخبراء الاقتصاد، نعرف منه رؤيتهم لحاضرنا قبل مستقبلنا الاقتصادى، وكيف نعبر هذه المرحلة الصعبة، فالسوق أصبحت مفتوحة «على البحرى»، لا يستطيع أحد «عرقلة» الأسعار، التى فى ارتفاع «يومى» بمعنى الكلمة، وسوقًا سوداء فى كل سلعة وليس الدولار فقط، يمكن لرجل الدين أن يقول إننا فى مرحلة «الله أعلم»، لكن إذا قالها خبير اقتصادى أو رجل الأعمال، فنحن إذن فى مرحلة ليست ضبابية، وإنما حالكة السواد، لا يرى فيها المتخصصون ما يستدعى الحديث أو يستطيعون التوقع، فهل يمكن أن يقوم مسؤولو الدولة بالإعلان عن مثل هذا الحوار الاقتصادى على أسرع وجه، قبل أن يعلن الأشخاص العاديون من الشعب أننا فى مرحلة: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون».عام 1995، وأثناء حفل تكريمه بجامعة القاهرة، قال نيلسون مانديلا: «كان لدىَّ موعد قد تأخر ربع القرن، مع رجل رفعت رأسى من بعيد لكى أراه، ثم حالت ظروف قاهرة دون أن ألقاه، وحين جئت إلى مصر، كان من سوء حظى أن عبدالناصر لم يعد هناك، سأزور فى مصر 3 أماكن، هى الأهرامات والنيل العظيم وضريح الزعيم عبدالناصر»، واليوم، استحضرت جنوب إفريقيا روح مانديلا، بمقاضاة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بسبب حرب الإبادة فى غزة، ولا تزال مصر الداعم الأكبر لأبناء فلسطين، فتحية لروح الزعيم الملهم جمال عبدالناصر فى ذكرى ميلاده الـ106.