بقلم-وفاء بكري
مجموعة من الأرقام الصادمة، فجرها الدكتور عاشور عمرى، رئيس هيئة تعليم الكبار، خلال حوار أجراه الزميل محمد أبوالعينين، بجريدة الأهرام، يوم الجمعة الماضى، فقد قال إن لدينا 18.4 مليون أمىّ، ولدى الهيئة 5 آلاف معلم فقط لمحو أميتهم، يتقاضون 800 جنيه «فقط أيضا»، مع قيمة مكافأة زهيدة لا تتعدى 200 جنيه لتعليم الدارس الأمىّ ونجاحه فى الامتحان المقرر لحصوله على شهادة محو الأمية، مع تأكيده أن ارتفاع معدل القراءة بنسبة 1% يؤدى لارتفاع الناتج القومى للبلد بمعدل 5%، هذه الأرقام يجب الوقوف أمامها كثيرا، ولنبدأ بعدد المدرسين المطالبين بمحو أمية 18مليون شخص، أكثرهم من الإناث، فأثناء قراءتى للحوار أمسكت بالآلة الحاسبة لأعرف الرقم الذى سيظهر لى لو قام مدرس واحد بمحو أمية 40 شخصا فقط، وقمت بإجراء العملية أكثر من مرة ليخرج الرقم بشكل غير واقعى بالمرة، فكيف لدولة بحجم مصر، أن تكون هذه سياسة محو الأمية بها؟ كم لدينا من خريجى الجامعات لا يجدون فرصا للعمل؟..
لماذا لا تتم الاستفادة منهم فى هذا الأمر؟.. ولماذا لا نستفيد من جميع المدارس ليلا لفتح فصول بها، ويكون مشروعا قوميا حقيقيا، ولنأت إلى الراتب وهو 800 جنيه، فهو راتب بحسبة بسيطة وفى ظل ارتفاع الأسعار حاليا، لن يكفى لركوب المدرس الـ«توك توك» لذهابه إلى فصول تعليم الكبار، وهو من المفترض أن يكون «صافيا ذهنيا» ليستطيع التواصل مع هذه الأعمار، وجميعنا نعلم أن التدريس للكبار ومحو الكثير من المعلومات لديهم يختلف كلية عن التدريس للصغار، ولو طبقنا الافتراضية الأولى بأن يمحو المدرس أمية 40 شخصا، فإنه سيحصل بعد عام كامل على 8 آلاف جنيه مكافأة، وهى قيمة لو تعلمون لا تساوى جهد وقوة وصلابة هؤلاء المدرسين، فعلى حد علمى أن العامل فى المشروعات القومية، مثل العاصمة الإدارية وغيرها يحصل على 300 جنيه يوميا، مع احترامى الكامل لجميع عمال مصر، ولكن.. أليس التعليم ومحو الأمية من المشروعات القومية؟!، ولنأتى للرقم الآخر الذى أطلقه «عمرى» وهو العلاقة الطردية بين ارتفاع معدل القراءة والناتج القومى بنسبة 1% إلى 5 %، أليس هذا ما نحتاجه الآن؟، وبخلاف احتياجنا لمحو الأمية الثقافية التى نعيشها، نحن نحتاج مبدئيا إلى محو أمية القراءة والكتابة، إذا كنا نتحدث عن مكافحة إرهاب و«أخلاق متدنية» فيجب على وزارتى التعليم والتخطيط مراجعة هذه الأرقام، وعدم الانتظار لعام 2030 للقضاء على محو الأمية، خاصة أن هناك تزايدا- وفقا لحوار عمرى- فى أعداد المتسربين من التعليم بسبب الفقر، وهذه نقطة أكثر خطورة وعلى الدولة أن تلتفت لها قبل أن نفاجأ بزيادة رقم الـ18 مليوناً إلى الضعف.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع