بقلم : وفاء بكري
قبل 15 عامًا من الآن، وتحديدًا يوم 14 فبراير 2005، كانت وفاة حارس مرمى الأهلى، مدير فريق كرة القدم بالنادى، لسنوات طويلة. ثابت البطل، ذلك الرجل الذى أحببته لاعبًا، بالرغم من صغر سنى وقتما كان حارسًا لمرمى فريقنا العظيم، وأحببته مديرًا للكرة، وتأثرت بشخصيته القوية، حتى عايشت فترة عملية ليست بقليلة وقتما كان يشغل هذا المنصب، عندما التحقت بالعمل الصحفى الرياضى. فى حياتى بشكل عام تأثرت بشخصيات كثيرة فى عدة مجالات، تمنيت القرب منهم، ولكن كانوا قد سبقوا عمرى بسنوات طويلة، فاكتفيت بتعمق قراءاتى عنهم.
لدىَّ عشق لشخصيات، مثل جمال عبدالناصر وطلعت حرب ومحمد فريد ومصطفى كامل وأحمد عرابى وأم كلثوم وجمال حمدان وصالح سليم، لا أحب مَن يتطاول على أحد منهم، بالتأكيد هم بشر ولهم خطايا، ولكن لكل منهم مشروع واتجاه وحب للوطن، وصناعة للنفس ودعم للغير. شاهدت صالح سليم عن قرب، مواقف بسيطة جعلتنى أزداد حبًا واحترامًا له. أما ثابت البطل، فهو كان حقًا من الشخصيات النادرة التى قد يصادفها البشر، قوة شخصية واحترام و«جدعنة» وإنصاف، حبه وإخلاصه لمكان عمله، وهو النادى الأهلى، كان مختلفًا حقًا، الجميع يعلم أن ثابت البطل سافر للعمل مديرًا للكرة بأحد الأندية الليبية، وكان يحصل على مبلغ «خرافى» وقتها، وعندما تعرض الأهلى لأزمة، طلبه صالح سليم ليتولى منصب مدير الكرة، ولم يفكر «ثابت» فيما سيحصل عليه من النادى.
ما فكر فيه هو إنقاذ فريقه القديم، الذى أعطاه شهرته، وقال وقتها إنه من المستحيل عندما يحتاجه الأهلى أن يتخلى عنه، قد يرى البعض أن موقف ثابت «مثالى» أكثر من اللازم، ولكن لأنه «صاحب مبدأ» وغير مُدَّعٍ، لم يتخلَّ عن ناديه، عاد «البطل» وعادت معه بطولات «البطل الأحمر» لتطبيق معايير الإدارة الحقيقية، معايير قد نفتقدها فى أماكن كثيرة الآن، ليس فى المجال الرياضى فقط، وإنما فى كثير من المجالات، التى تعتمد مؤسساتها على أنصاف المواهب، وعدم الاتجاه للتطوير، وتَرْك أعضائها فريسة لـ«الطاقات السلبية» و«فقد الأمل».
استطاع ثابت البطل عودة «روح الفريق»، الذى اشتهر به الأهلى، لأنه كان يعرف معنى الإدارة، ليس مجرد تقريب «الشلة» وأصحاب المصالح، وتجاهل الكفاءات، اقتربت من مواقف لـ«ثابت»، كان فيها مثل «الأسد» فى دفاعه عن حقوق الأهلى وحقوق اللاعبين، عشقت قوته وإخلاصه وإنصافه، شاهدته قبل وفاته بيوم واحد، كان مريضًا للغاية، ولكن لآخر وقت بلا مبالغة كان يقوم بعمله على أكمل وجه، نظرت إلى وجهه وقلت لزملائى بحزن: «ثابت هيموت»، وبالفعل مات فى اليوم التالى بعد مشاهدته مباراة القمة فى الملعب وهو يحتمى بـ«بطانيته»، بعدما وهنت عظامه من السرطان، اختار أن يكون الملعب الذى عشقه آخر ما يشاهده فى حياته، بكيته كثيرًا، ولكنه ظل فى قلبى «البطل صاحب المبادئ».