بقلم : وفاء بكري
منذ فترة تناقشت مع أحد أصدقائى ممن يشغلون منصبًا فى الدولة، حول إمكانية تحويل «مجمع التحرير» إلى متحف، يسمى «متحف مصر»، فى إطار التطوير الذى تقوم به الدولة لوسط البلد، وتحمل كل غرفة موجودة فى المجمع «اسم شخص» أسهم فى كتابة التاريخ فى مصر، وأثّر فى أبنائها على مدار عقود طويلة، متحف يحمل مقتنيات وصورًا وتسجيلات- إن وُجدت- لهؤلاء، ضحك صديقى وقتها «ضحكة ذات مغزى»، وقال لى: «يمكن يتعمل فندق»، فقلت له: «ما أكثر الفنادق عندنا، وتحديدًا فى مربع وسط البلد، المتحف سيحافظ على تاريخنا الإنسانى»، وانقطع الحديث لقضايا أخرى، حتى طالعت منذ أيام الصفحة الشخصية على «فيسبوك» لزميلنا الصحفى والسيناريست محمد عبدالباسط الشواف، وهو يقترح اختيار إحدى العمارات القديمة فى وسط البلد، والتى تحمل طرازًا معماريًا مميزًا، لتأسيس متحف باسم «متحف الإنسانية»، يحمل تماثيل من الشمع لشخصيات تاريخية فى مصر، على غرار متحف مدام توسو فى لندن، مع وضع مقتنياتهم فى هذا المتحف، الذى من الممكن أن يكون له أكثر من فرع فى مدن القاهرة التاريخية، وذلك بعدما أُثيرت أزمة بيع مكتب ومقتنيات الممثل الرائع الراحل أحمد زكى. وجدت أن فكرة الزميل «الشواف» تكاد تتطابق مع فكرتى، بخلاف اختيار المكان نفسه. بالنسبة لمجمع التحرير، البعض يرى أن هذا المكان يُعد انعكاسًا لـ«البيروقراطية» و«تعذيب» الإنسان بشكل يومى فى مصر، ومجرد فكرة تحويله إلى «متحف» للحفاظ على مقتنيات شخصياتنا الملهمة والتاريخية هو تأكيد على تأسيس «مصر جديدة» تهتم بأدق تفاصيل أصحابها وأهلها ممن يسطرون كل يوم تاريخًا جديدًا لها، مع وجود هذا المتحف لن نسمع أو نرى أن هناك مَن يبكى مقتنيات «أحمد زكى» أو فيلا «أم كلثوم»، التى تسابق إليها محبوها أثناء هدمها ليحتفظوا بأى شىء من «ريحة الست»، ووفقًا لإحدى صديقاتى، التى شهدت يوم الهدم، فإن أحد عاشقى «الست» هرول ليحتفظ بقطعة من «سيراميك دورة مياه» السيدة أم كلثوم، وهو يبكى، ويقول: «يا جهلة دى شافت الست»، بخلاف اليوم الشهير الذى بيع فيه مكتب بليغ حمدى بالزمالك، وذهب المطرب محمد رشدى، وهو يبكى ليُلملم «النوت الموسيقية» لأشهر ألحان «بليغ» من الأرض. نحو 1400 غرفة يضمها المجمع التاريخى، ذو الطراز المعمارى الفريد، أعتقد أنه سيكون الأول من نوعه على مستوى العالم، ولنبدأ بغرفة لمُصمِّمه، الدكتور محمد كمال إسماعيل، صاحب الإشراف على توسعة الحرمين الشريفين ودار القضاء العالى، ذلك المهندس العالمى، الذى لا تعرفه الغالبية العظمى فى مصر، فلدينا من الشخصيات والأحداث الجديرة بالحفاظ على تراثها وثراثنا معها، وليكن «متحف مصر».