بقلم : وفاء بكري
حالة من الجدل أثارها الفنان المحترم هشام سليم بين الجميع، عقب إعلانه تحول ابنته الكبرى «نورا» إلى ذكر، لتكون «نور»، بسبب اضطراب هويته الجنسية، منذ الصغر، ليقرر حسم أمره بإجراء العملية «الصعبة» و«المرهقة» على كافة الأصعدة، ولم يلتفت إلى «رد فعل» المجتمع الذى يعيش فيه جراء عملية يجهل ماهيتها السواد الأعظم من الناس، ويقرر أن «ينجو» بحياته، بعدما كان يفكر فى «الانتحار»، كما قال فى لقاء تليفزيونى، منذ عدة أيام، وهو ما يفكر فيه بالفعل من يعانى مثل معاناة «نور»، ولا يجد سبيلا لإجراء العملية، التى تأخذ سنوات لحين إجرائها بسبب الإجراءات الصعبة والطويلة، وللعلم، فهذه العمليات لا تتم إلا بموافقة من الأزهر الشريف أو الكنيسة، وفقا لديانة صاحبها. الجدل الذى اثارته صراحة هشام سليم انقسم بين مؤيد ومعارض، الكثيرون «احترموا» فى هشام «جرأة التصريح» بنجاح عملية ابنه، والإعلان فى «مجتمع شرقى» عن تحول فتاة إلى ذكر، ولكن البعض كان «الاعتراض» كالعادة هو المسيطر على تفكيرهم.
يوجد الآلاف من الحالات المشابهة لحالة «نور» داخل مصر، والذين يطلبون يد العون وإنهاء إجراءات عملياتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة مع «النفس»، تلك الحالات التى تعرف أنها ستدخل معاناة أشد مع المجتمع ومواجهة غير محسوبة، ولكنهم يفضلون «الهروب من مأزق النفس» أولا حتى لا يتسبب ما يعانونه فى «انتحارهم». منذ سنوات قليلة أشرفت على تحقيق صحفى، أجرته زميلتى «ابتسام محمود عباس» عن اضطراب الهوية الجنسية، ولست بصدد شرح هذا الأمر، الذى يعتقد البعض، مع الأسف، أنه « شذوذ»، وهو بعيد تماما عن هذا، ولكن ما أريد الحديث عنه هو صدمتى وقتها فى «تناقض» أهل المرضى، الذين يوافقون على تحول الفتاة إلى ذكر، ويرفضون العكس، فلا مكان لـ«الفتيات» فى هذه الأزمة.
التناقض الذى يعيش فيه المجتمع المصرى فى كثير من الأمور سيطر على تفكير البعض فى هذا الأمر الشائك، الذى أظهرته «جرأة وصراحة» هشام سليم، البعض يرى أنه لم يكن من حقه الإعلان عما حدث لابنه، وأن هذا الأمر خروج عن المألوف، وأنه ضد عاداتنا الشرقية، ولا أعرف ما عاداتنا الشرقية التى نخشى الخروج عن خطوطها فى هذا الأمر الصعب؟! يحاول البعض بخس حق هؤلاء المرضى فى العيش بـ«سلام نفسى» يساعدهم على التعامل مع المجتمع الذى يعيشون فيه، فلا يكونون أشبه بـ«قنابل موقوتة» لمن حولهم، كفانا تناقضا وقياما بدور الأوصياء على من حولنا، وألا ننظر لأنفسنا أولا، قبل أن نؤسس لـ«طبع جديد» للمجتمع قائم على «التناقض».