بقلم : وفاء بكري
أفعال متلاحقة ضد المدرسين خلال أيام قليلة، بطريقة تثير الحزن والغضب فى آن واحد. فى البداية أثارنى فعل بعض المحافظات عندما لم تجد وسيلة لمنع الدروس الخصوصية سوى مداهمة «المراكز» التى يستخدمها المدرسون، بقوة الشرطة، ليتم القبض على المدرسين المتواجدين وتكبيل أياديهم- وفقًا لوصف نقابة المعلمين- وإخراج الطلبة كأنهم يتلقون «دروسًا ممنوعة»، لدرجة أن الفتيات فى أحد الفيديوهات المنتشرة على «يوتيوب» خرجن وهن يخفين وجوههن خلف كتبهن، بينما أطلق رضا حجازى، نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المعلمين، إساءة أخرى- قد تكون غير مُتعمَّدة- ولكنها صدرت وسمعها الملايين دون أن يقدم «حجازى» اعتذاره عنها، فوقعت تحت طائلة الإساءة، فقد هدد نائب وزير التعليم «مدرسيه»، الذين تكبدوا عناء الكنترول والتصحيح فى وقت عصيب خلال الفترة الماضية، بـ«الإعدام» حال خطئهم فى تصحيح امتحانات الثانوية العامة، بالتأكيد لفظ الإعدام هنا ليس معناه وضع المدرس فى حبل المشنقة، ولكنه «مجازى» وليس حقيقيًا، بمعنى وجود رد فعل قاسٍ، فلماذا الإهانة من «نائب وزير» كان مدرسًا فى يوم من الأيام، وأصبح مسؤولًا عن آلاف المدرسين، بل قد يصل عددهم إلى أكثر من مليون مدرس، وكان الأجدر به أن يتقدم بالشكر إلى مدرسيه، الذين يقومون بتصحيح أوراق الامتحانات فى أجواء قد تكون غير آدمية، خاصة أننا لم نقرأ خبرًا خلال سنوات أن هناك مسؤولًا فى وزارة التعليم يتفقد أماكن التصحيح ليقف على احتمالية نسب الخطأ التى قد يقع فيها المصححون بسبب الأجواء المحيطة بهم، التى أطلق على أساسها «حكمه بالإعدام»، ولكن يبدو أننا اعتدنا التحذير والنذير فقط، دون أن نبحث عن دعم مَن ننذرهم دائمًا. ولنعد إلى القبض على المدرسين، أليس هناك طرق أخرى لتطبيق القانون بعيدًا عن «تكبيل» المدرسين أمام طلابهم، وبعد ذلك نشكو عدم احترام الصغار لكبارهم؟!
فهل أجبر المدرس هؤلاء الطلبة على الحصول على درس خصوصى؟ وطوال الوقت أسأل نفسى: لماذا لا تتم معاملة المدرس معاملة الطبيب، الذى يُعيَّن فى مستشفى حكومى قد لا يذهب إليه طوال الوقت لانشغاله بالعمل فى عيادته الخاصة أو مستشفى خاص، أليس هذا هو المنطق نفسه الذى يطبقه المدرس فى اتجاهه إلى الدروس الخصوصية؟! فهل يُعقل أن يكون مدرس قارب على 25 سنة عملًا أمام آلاف الطلبة الذين مروا عليه وراتبه لا يتعدى 3 آلاف جنيه؟ وهناك أكثر من حل، منها فتح المدارس أمام المجموعات والحصول على نسبة منها لتكون الدروس الخصوصية تحت إشرافها، والأهم أنه على وزارة التعليم ومجلس الوزراء مراجعة قرارهما الأخير، وقراءة الصورة بشكل متكامل، فالمدرس أَوْلَى بالاحترام والتقدير و«الرواتب المرتفعة»، والأجدر بـ«التبجيل» وليس «التكبيل».