بقلم : وفاء بكري
هل أصبح زمنا مقلوبا؟ هل أصبح زمنا معيوبا، أم أصبح زمن الاستسهال؟.. راودتنى هذه الأسئلة طوال الأسبوعين الماضيين وأنا أتابع عدة أحداث متقاربة، كان آخرها خريطة شهر رمضان للبرامج والمسلسلات فى كل القنوات الفضائية، فلم يعد للفكر مكان، وكان الاستسهال هو سيد الموقف، بمنطق «عبّيله واديله»، فلا أحد يحاسب، ولا أحد يراقب، ولا أحد يرسم «مستقبلا مهنيا» حقيقيا فى كل مجال، ولأن مهنتى هى الصحافة والإعلام، فإننى معنية بهما أكثر من غيرهما، ولنبدأ بآخر ما على الساحة الإعلامية، وهو خريطة رمضان هذا العام على مستوى الفضائيات، لم نر جديدا، بل نكاد نشعر أن «الترتيب أصبح واحدا» سنويا، والأفكار مكررة ومعادة، بعضها منقول من «فورمات أجنبية»، وبعضها منقول من أفلام قديمة، وإعلانات بلا محتوى لا تعتمد إلا على وجود الممثلين والمشاهير دون داعٍ، والحجة أن الأعمال تمت بسرعة بسبب «كورونا» وهو عذر أقبح من ذنب.
بعد أسبوعين
فلو لم نستعد لموسم نعرف موعده بدقة ولا يأتى بغتة، فالأولى ألا نعمل فيه، فلنكتفِ بهذا القدر من الاستسهال لمجرد أننا نريد الإعلان بأننا لانزال موجودين، فالمنافسات فى القنوات العربية كادت تفوقنا، وما يتم سنويا فى القنوات المصرية لا يتناسب مع مكانة مصر الفنية والإعلامية، لقد نسينا «الأفكار المبتكرة»، ولو عدنا لقناة مثل ماسبيرو زمان الآن، سنجد أن ما كان يتم تقديمه فى الإعلام المصرى سابق عصره بسنوات طويلة، بالرغم من أن الإمكانات كانت أضعف كثيرا من الآن، لقد بات «العقم» فى الأفكار سواء داخل الصندوق أو خارجه هو الحاكم، لا يفكر البعض فى تعزيز خطوات الدولة بأفكار جديدة، وأصبحت «القوالب جاهزة»، نحن الآن لدينا سيارة حديثة للغاية ولكن لا يوجد «سائق ماهر» لها، وكفانا الاستسهال حتى لا نصل لـ«زمن اللامهنية».
● فى رثاء الغادة:
فقدنا منذ أيام صديقتنا وزميلتنا الغالية غادة محمد الشريف، كانت طفلة فى صورة أنثى جميلة، ضحكات بريئة وقلب نقى، لن أتحدث عن العمل، فلقد نسيت غادة نفسها وحياتها وسط «بريق العمل الصحفى» وجوائزه، حتى إنها نصحت إحدى صديقاتنا قبل وفاتها بأيام بألا يأخذها العمل و«ينسيها صحتها» كما فعلت هى، جميعنا ينسى حياته وصحته وسط «دائرة الرحلة» الشاقة التى نعيشها، سرنا أنا والغادة فى طريق انإهاء أوراق الحج العام الماضى، لم يكتبها الله لها بسبب خطأ فى التأشيرة، وكأن غادة على موعد دائماً مع الأخطاء، فوفاتها كانت بسبب خطأ طبى أيضا، ولطيبة قلبها رفضت الإبلاغ عن الطبيب، كانت «الغادة» تنتوى السفر لأداء العمرة، ولكن لم يمهلها القدر، وأكاد أجزم أنها قوبلت عند ربها بالحج لأنها أنهت كل إجراءاته، حتى كتيبات كيفية الحج هى التى أحضرتها لى.
غادة.. ستظلين فى القلب إلى أن نلقاك يا طيبة القلب.