بقلم - وفاء بكري
طالعنا، منذ أسابيع، تطوير القناة الأولى بالتليفزيون المصرى، وجميعنا كان يأمل أن يعود التليفزيون بقوته التاريخية المعتادة، ولكن يبدو أن المسؤولين أصبحوا «يستهينون» بتاريخنا الإعلامى، و«يستبيحون» لأنفسهم هدم أى قيمة إعلامية بحجة التطوير، فقد طالعت خريطة التطوير، وفوجئت، كما فوجئ الجميع، بأن خريطة البرامج ما هى إلا «مسخ» من عدة قنوات، ولم يتغير منها سوى أسماء البرامج، ويظل المحتوى «موحدا» بين هذه القنوات وماسبيرو بعراقته، فمن قال إن التطوير يجب أن يكون أولا بتعديل الاسم ليصبح «قناة مصر الأولى»، ألم يسمع القائمون على التطوير أن هناك ما يسمى «البراند»، لانزال نقول جميعا «القناة الأولى»، إيه معنى «قناة مصر الأولى»، ما كل القنوات العامة والخاصة مصرية والله، ومن قال إن التطوير يكون بوضع برنامج رياضى وآخر للمرأة وثالث لـ«الطبخ»، و«توك شو» بلا أى جديد، أو حتى تطوير فى الصورة، من قال إن التطوير يأتى بإلغاء تتر موسيقى لأقدم برنامج صباحى فى الوطن العربى، وهو «صباح الخير يا مصر»، وهو بالمناسبة التتر الثانى للبرنامج، والذى تم تغييره وقت وزير الإعلام الأسبق أنس الفقى، وكانت موسيقاه مميزة بالفعل وارتبطت فى أذهان الملايين، خاصة فى القرى، وبصراحة البرنامج الجديد كله «ماسخ». لم تفكر الهيئة الوطنية للإعلام فى الاستعانة بكوادر حقيقية ومتخصصين فى تطوير الشاشات وخرائط البرامج، وكأن التطوير جاء من باب «برو العتب»، كما نقول فى كلامنا الشعبى، لمجرد أن الهيئة تؤكد أنها لم تأت «هباءً منثورا»، وأنها حريصة على تطوير الإعلام المصرى، وفى مقدمته ماسبيرو العريق، ولا أعلم ما دور الجهة السيادية، التى تدخلت فى هذا الشأن، والتى كان من الأجدر لها أن تكون مجرد مشرفة على «الإنفاق» ليكون فى «وجهته السليمة»، دون أن تتدخل فى اختيارات البرامج والمذيعين، لماذا لم يفكر القائمون على التطوير فى استقطاب نجم حقيقى بعيدا عن الفنانين، لماذا لم يتم التفكير فى محتوى برامجى مختلف، وأفكار جريئة تتناسب وقيمة التليفزيون المصرى، فمن يشاهد قناة «ماسبيرو زمان»، حاليا يدرك ما كان عليه التليفزيون المصرى قبل 50 عاما من الآن، الذى كانت شاشته «أكثر شبابية» وتطويرا وفكرا من الآن، لماذا لم يتم الاتفاق مع رئاسة الجمهورية على الانفراد بحديث خاص للرئيس السيسى يذاع على شاشات التليفزيون المصرى، ليكون دعما لـ«تليفزيون بلدنا»، أو استضافة رئيس الوزراء وبعض أعضاء حكومته للإعلان عن أخبار جديدة للشعب، لتكون الأخبار مصدرها «التليفزيون المصرى»، كما قلت لقد استسهلت جميع الجهات القائمة على التطوير بتاريخ هذا الصرح العظيم، ولم تلتفت لمطالبات أبنائه، بحجة أن لهم توجهات غير معروفة، هناك فى ماسبيرو قامات حقيقية تستطيع أن تعطى الكثير لمكانها، و«أهل مكة أدرى بشعابها»، كان يمكن أن يطلق القائمون استبيانا للتطوير، أو موقعا خاصا يتم فيه تجميع أفكار أبناء ماسبيرو من مذيعين ومخرجين ومصورين ومونتيرين، كل فى مجاله، وتتم مناقشتها مع خبراء فى التطوير، مع رصد شامل لباقى الفضائيات، للبعد عن النمطية والاستنساخ، المسألة ليست فى إنفاق الملايين و«الاسم تطوير»، هم فعلوا كما يقول المثل الشعبى: «اللى معاه قرش محيره يجيب حمام ويطيره»، دون استفادة من هذه الأموال، كان يجب الاستعانة بالمتخصصين، ولكن يبدو أن «التخصص» فى مصر «بقى عيب» ولازم «الجميع» يفهم فى «كل حاجة»، أتمنى قبل تطوير القناة الثانية الذى أعلن عنه، أمس، أن يعاد النظر فى تطوير «أختها الأولى» أولا
نقلا عن المصري اليوم القاهرية