بقلم - وفاء بكري
منذ نحو 3 أيام، فوجئنا بنشر فيديو جديد لحادث الفتاة الجميلة «نيرة»، ولكن من زاوية أخرى غير التى شاهدها وتداولها الجميع منذ وقوع الحادث البشع، وجاء الفيديو الجديد ليؤكد أن هناك أكثر من شخص حاول إنقاذ «نيرة» قبل أن يُقدم القاتل على طعنها آخر طعنة فى صدرها ثم ذبحها بلا رحمة، ولكن بماذا يفيد نشر هذا الفيديو الآن، بعد أن ترسخ فى أذهان المصريين، بل ملايين آخرين خارج مصر، أن الذين حضروا الحادث «جبناء» وشبه مسهمين فى إزهاق روح تلك الفتاة الرقيقة بخوفهم من مواجهة القاتل الأهوج، وظل الجميع لأسابيع فى «جلد» هؤلاء و«تأنيب ضميرهم» دون أدنى اعتبار للأثر النفسى الذى عانوه من مشاهدتهم قتل «إنسان» بهذه البشاعة فى وضح النهار.
تلك الزاوية الواحدة لا تنطبق على فيديو حادث المنصورة فقط، فنحن أصبحنا أهل «الزاوية الأحادية» لكل شىء، لا نفكر إلا من منظور واحد ضيق، لا ننظر إلى باقى الزوايا حتى نستطيع «حل المسألة» بشكل علمى سليم، كمَن ينظر «تحت رجليه». السلطة التنفيذية أصدرت قرارًا غريبًا بإزالة «العائمات النيلية»، التى ترسو على ضفاف النيل عند منطقة «الكيت كات»، بحجة عدم سدادها مقابل حق الانتفاع، فى الوقت الذى أكد فيه سكان هذه العائمات أن وزارة الرى المعنية بتجديد تراخيص حق الانتفاع ترفض تسلم هذا المقابل منذ عام 2020. الزاوية الواحدة هنا اختارتها الحكومة ووزارة الرى بإزالة تلك العائمات التاريخية، بدلًا من استعادة ملكيتها وإعادة طرحها أو استخدامها بأى شكل يُدِرّ ربحًا. اختارت «الحل الأسهل»، دون أن تفكر فى الحفاظ على القيمة والتراث والتاريخ، بل مع كل ذلك هدفهم الوحيد، وهو الحصول على «المكسب المادى»، فعندما أطرح «عائمة» للاستغلال، كان يسهر فيها مشاهير على مدار قرن تقريبًا، وظهرت فى أفلام كلاسيكية، فإن حق استغلالها سيتضاعف عن طرح أخرى أو مشروع حديث داخل النيل، فهنا- وإن كنت ضد انتزاع مساكن معيشة لأفراد- فقد حافظت على المكانة التاريخية، وحصلت على المقابل المادى أيضًا، وكأن الحكومة لم تسمع عن أشهر وأغلى فنادق أسوان والإسكندرية مثلًا لأن بها «غرفًا خاصة» كان ينزل بها مشاهير العالم.
وهذا هو الحال أيضًا فى عدد من المحافظات، على رأسها القاهرة والجيزة والإسكندرية، بإزالة حدائق واستغلالها كمطاعم. لم نشاهد محلًّا واحدًا تم طرحه كـ«مكتبة» أو لأصحاب الحرف اليدوية والتراثية مثلًا نوعًا من الارتقاء بذوق الشباب الجدد. كم أتمنى أن تشاهد الحكومة وقبلها البرلمان كافة الزوايا، وإن كانت الزاوية الواحدة هى بوصلتهما، فليجعلاها زاوية «مستقيمة» وليست «منفرجة».