توقيت القاهرة المحلي 05:04:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسائل الصواريخ الحوثية ضد السعودية

  مصر اليوم -

رسائل الصواريخ الحوثية ضد السعودية

بقلم : د. حسن أبوطالب

 الصواريخ التى أطلقتها جماعة الحوثيين باتجاه العاصمة السعودية الرياض ونجران وجازان وخميس مشيط فجر الاثنين الماضى ليست الأولى والمرجح أن لا تكون الأخيرة، جديد هذه المرة أنها جاءت فى صورة إطلاق سبعة صواريخ ذات مديات متعددة فى اتجاه سبعة أهداف غالبيتها مطارات فى آن واحد، وبذلك وصل عدد الصواريخ التى أطلقت على الأراضى السعودية إلى 102 صاروخ منذ صيف العام الماضى، تم إسقاطها جميعاً بواسطة صواريخ باتريوت، واقتصرت آثارها المادية على وقوع حطام الصواريخ بعد تفجيرها فى الجو على بعض المناطق المأهولة، أما نتائجها السياسية فترتبط أساساً بالهدف من وراء إطلاقها وفى أى لحظة زمنية وملابسات تلك اللحظة، ففى كل عملية إطلاق صاروخ أو أكثر على أهداف سعودية يتحدث الحوثيون عن أمرين متكاملين، الأول أن تلك الصواريخ هى صناعة يمنية 100 بالمائة، وكأن اليمن لديه من المعامل الإلكترونية والمختبرات ومصانع السلاح والكوادر البشرية والأقسام العلمية فى الجامعات اليمنية ما يتيح له صنع هذا العدد الكبير من الطرازات ذات المسافات المختلفة والقدرات التدميرية المتباينة، فى ظل حالة حصار وضعف الموارد وفقر مالى وبما يعكس معجزة لا تستطيع أن تفعلها دول أخرى ذات أوضاع وظروف أفضل بمئات المرات من الأوضاع القائمة فى اليمن، ومن هذه الطرازات الصاروخية التى تتباهى بها المصادر الحوثية منظومات الصرخة وزلزال 1 و2 و3، وقاهر غم وقاهر 2 وبركان وباب المندب وغيرها، وأن بعضها يتميز بالدقة فى إصابة الأهداف، وبعضها تصل سرعته إلى 4.5 ماخ، كما هو الحال لمنظومة صواريخ بدر التى أطلقت على مطار الملك خالد فى محيط العاصمة الرياض، ويلاحظ هنا أن كل هذه المنظومات ذات أسماء إيرانية متداولة أو شبيهة بها، وبما يؤكد أن الأمر لا علاقة له بصناعة محلية يمنية لا من قريب أو بعيد، ومن التقارير المتداولة أنه يتم تهريب تلك الصواريخ فى صورة قطع مجزأة عن طريق البحر، وأن كوادر إيرانية تقوم بتركيبها على الأراضى اليمنية ومن ثم تستخدم وفقاً لما يتم تهريبه ويتم تجميعه وفى التوقيت الذى يرسل رسالة ذات مغزى سياسى أو معنوى، وهنا نشير إلى الأمر الثانى وهو أن تلك الصواريخ يراد من ورائها إثبات أن الحوثيين باتوا قادرين على تغيير معادلات القوة العسكرية لصالحهم، وهو ما يسمونه بتوازن الرعب، بعد أن كان الهدف الأول دفاعياً بحتاً، وبالتالى فإن على التحالف العربى أن يراعى ذلك بالنسبة لأى تسويات سياسية ممكنة مستقبلاً، ليس باعتبار الحوثيين مجرد ميليشيا مسلحة انقلبت على السلطة الشرعية، بل باعتبارهم سلطة فعلية تدير العاصمة ومناطق يمنية أخرى، ولديها جيش قادر على الردع وفقاً للدعاية الحوثية، مثل هذه الملابسات تجعل عملية الإطلاق الصاروخية المتعددة ذات مغزى أكبر من مجرد إيذاء المملكة العربية السعودية باعتبارها قائدة التحالف العربى المؤيد لحكومة الرئيس الشرعى هادى منصور، أو بهدف الإعلان عن قدرات صاروخية يمكنها أن تؤثر فى تعديل ميزان القوى العسكرى الذى يميل بقوة لصالح التحالف العربى والحكومة الشرعية، فتوقيت إطلاقها بعد يوم واحد من زيارة المبعوث الأممى الجديد مارتن جريفيث إلى العاصمة صنعاء ولقائه مع قيادات حوثية وقيادات المؤتمر الشعبى الموجودة فى العاصمة، التى لا حول لها ولا قوة على صعيد الفعل السياسى فى صنعاء أو فى غيرها من المناطق، يجعل مغزاها ذا صلة مباشرة بمهمة المبعوث الأممى، وما قد عبر عنه من ضرورة إحياء عملية تسوية سياسية وأن تتحمل الأطراف تنازلات عميقة، وأن تتم وفقاً للمرجعيات الثلاث وهى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطنى والقرار الأممى 2216 الصادر فى العام 2015، وهى المرجعيات التى ترفضها جماعة الحوثيين رفضاً باتاً، ووفقاً لصالح الصماد، الذى يرأس ما يعرف بالمجلس السياسى فى صنعاء، والمفترض أنه يقود المناطق التى يسيطر عليها الحوثيون وحلفاؤهم، فإن الرسالة الأساسية من وراء إطلاق هذه الصواريخ هى أن توقف قوى التحالف غاراتها مقابل أن يوقف الحوثيون إطلاق الصواريخ، معتبراً أنها رسالة سلام يجب أن يتبعها التفاهم على كل القضايا، وبذلك يطرح الحوثيون شكلاً جديداً للمفاوضات يعنى بالتوصل إلى تفاهمات يرون أنها يجب أن تعكس واقعاً عسكرياً فيه قدر من التعادل وبعيداً عن أى قرارات دولية أو تفاهمات إقليمية سابقة، وبهذا المعنى فإن على المبعوث الأممى الجديد أن يتخلى عن أى محاولة لتطبيق القرار 2216، الذى يطالب الحوثيين بتسليم السلاح إلى الحكومة الشرعية والخروج من المدن التى يتحصنون بها، مقابل المشاركة فى أى صيغة حكم يتفق عليها وفقاً لمخرجات الحوار الوطنى، مع إمكانية إجراء بعض تعديلات جزئية على تلك المخرجات.

المغزى الآخر لا يقل أهمية، ويتعلق بأن الحوثيين يقدرون رغبة المجتمع الدولى فى إنهاء الحرب اليمنية والحفاظ على ما بقى من بنية أساسية ضعيفة أصلاً، باعتباره فرصة لهم فى فرض شروطهم، فإن لم تقبل هذه الشروط فمن الأفضل لهم أن يتم وقف القتال بدعوى مراعاة الأبعاد الإنسانية، خاصة أن الوضع القتالى على الأرض، لا سيما فى محيط تعز وفى اتجاه ميناء الحديدة، يشهد تغيرات ميدانية معاكسة لهم وتصب فى صالح القوات الشرعية، وذلك منذ ديسمبر الماضى حين تم اغتيال الرئيس الأسبق على صالح وما تبعه من انفراط عقد التحالف العسكرى مع القوات العسكرية التى كانت تتبع الرئيس صالح المغدور، واتجاه كثير منها للعمل تحت مظلة الشرعية والتحالف العربى.

بيد أن التفاعلات الإقليمية لا توفر فرصاً كبرى للحوثيين لفرض رؤيتهم كاملة أو الجزء الأكبر منها، فالمرجح أن تتحول السياسة الأمريكية المُهادنة فى اليمن إلى سياسة نشطة فى مواجهة الحوثيين كامتداد للتغيرات المرتقبة والمرجحة بعد تولى جون بولتون منصب مستشار الأمن القومى للرئيس ترامب، والمعروف عنه موقفه المؤيد للتعامل مع إيران وامتداداتها الإقليمية بقوة أكبر، والمؤيد لسياسة الرئيس ترامب بإلغاء الاتفاق الخاص بالبرنامج النووى الإيرانى أو تغييره جذرياً، وبما يجعل إيران تحت ضغط دولى أكبر، وهى السياسة التى من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة أكثر ميلاً لدعم التحالف الذى تقوده السعودية لحسم الحرب اليمنية عسكرياً ومنع إيران من أن تحقق أى مكاسب من استمرار الحوثيين كقوة تمرد مناهضة للمصالح الأمريكية ومصالح حلفائها، وفى مقدمتهم السعودية والإمارات، كما هو الحال لحزب الله اللبنانى.

نقلاً عن الوطن القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل الصواريخ الحوثية ضد السعودية رسائل الصواريخ الحوثية ضد السعودية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - ترامب يوافق على خطة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon