توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أطول أسبوع فى تاريخ الشرق الأوسط

  مصر اليوم -

أطول أسبوع فى تاريخ الشرق الأوسط

بقلم - محمد السعيد إدريس

تاريخ العالم، وبالذات التاريخ العسكري، مفعم بالدروس المستخلصة من تجارب الحروب التى خاضتها البشرية وعانت ويلاتها. فى مقدمة هذه الدروس أن أخطر الحروب، ومن بينها الحربان العالميتان الأولى والثانية التى، راح ضحيتها عشرات الملايين من البشر، عادة ما تحدث نتيجة لأحداث صغيرة. لكن هذا لا يعنى أن هذه الأحداث الصغيرة هى القادرة على تفجير تلك الحروب الرهيبة بويلاتها، ولكن هناك أسبابا حقيقية قوية متراكمة ولكنها مكبوتة تنتظر لحظة الانفجار أو «أصغر الشرر» الكفيل بإشعالها. فهل يمكن أن تكون حادثة تحطيم طائرة الاستطلاع والرصد الروسية من طراز «إيليوشن 20» فجر الثلاثاء (18/9/2018) على مقربة من السواحل السورية قرب اللاذقية هو تلك الشرارة التى يمكن أن تفجر الحرب الكبري.

ما يحدث الآن، فى أجواء وتداعيات أزمة تحطيم الطائرة الروسية تلك بصاروخ سورى عن طريق الخطأ أثناء التصدى لعدوان قامت به أربع طائرات إسرائيلية مقاتلة من «طراز اف- 16» ضد موقع عسكرى سورى قرب اللاذقية، أى على مقربة من القاعدة العسكرية الروسية الكبرى فى سوريا «قاعدة حميميم»، يؤكد أن شرارة التفجير انطلقت بالفعل، وسبقها تراكم غليان مكبوت روسي- أمريكى فى سوريا، بعد التصدى الأمريكي- الغربى (البريطانى الفرنسى) لعزم روسيا وسوريا على تصفية «بؤرة الإرهاب» المتبقية شمال سوريا فى محافظة إدلب، حيث بدأت الأساطيل الغربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية تتجه قبالة السواحل السورية محذرة من توجيه ضربات قوية وغير مسبوقة للجيش السورى «إذا هو استخدم أسلحة كيماوية وشن العدوان على إدلب». كانت «الأسلحة الكيماوية» هى «كلمة السر» المتفاهم عليها لشن عدوان كبير يكون من شأنه إرباك الحل الروسى للأزمة السورية.

روسيا هى الأخرى كانت قد استنفرت قواتها العسكرية قبيل تصعيد أزمة إدلب، وبدأت فى الفترة من 1- 8/9/2018 واحدة من أهم وأخطر مناوراتها الحربية التى أجرتها فى البحر المتوسط قبالة السواحل السورية بالنظر إلى حجم المنظومات الحربية المشاركة والتى شملت 26 سفينة حربية من أساطيل بحر الشمال وبحر البلطيق والبحر الأسود وبحر قزوين وغواصتين بقيادة الطراد «مارشال أوستينوف» التابع للأسطول الشمالي، وبمشاركة تشكيلات من القوات الفضائية الجوية ضمن 34 طائرة منها القاذفات الإستراتيجية «تو- 160» والطائرات المضادة للغواصات من طراز «تو 142 إم كا» و«إيل- 38» والمقاتلات «سو- 33» و»سو- 30 إم». الأجواء كانت معبأة ومحتقنة إذن على أعلى مستوى عندما وقع حادث الطائرة الروسية التى أدت إلى تصعيد روسى غير مسبوق ضد إسرائيل، خاصة بعد أن أثبت التحقيق الذى أجراه الجيش الروسى أن إسرائيل هى المسئولة عن جريمة إسقاط هذه الطائرة، لكن ما جرى فى الاجتماع الذى عقده قائد القوات الجوية الروسية مع الوفد العسكرى الذى أرسله بنيامين نيتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية برئاسة قائد القوات الجوية الإسرائيلية لعرض نتائج التحقيق الإسرائيلى فى الحادث والذى ركز على تبرئة الطيارين الإسرائيليين أدى إلى انقلاب الموقف رأساً على عقب، فقد رفض قائد سلاح الجو الروسى المبررات التى قدمها قائد سلاح الجو الإسرائيلى حول الحادث، وخاطبه بحدة : «أنتم مسئولون عن مقتل الضحايا الـ 14 الروس، وكذلك الاعتذار نرفضه، والتعازى نرفضها، ومن الآن فصاعداً أى طائرة إسرائيلية تقترب من السواحل السورية سنسقطها فوراً».

 الرد المستفز لقائد سلاح الجو الإسرائيلى الذى قال فيه «نحن نملك سلاح جو قادرا على العمل فى كل المنطقة وكلامكم هذا تهديد لنا»، وصل إلى الرئيس بوتين الذى أصدر أوامره بإرسال 12 طائرة «سو- 35» للتحليق فوق إسرائيل ذهاباً وعودة متحدية أى قدرة إسرائيلية على الرد، وبعدها صدرت القرارات التى أعلنها وزير الدفاع سيرجى شويجو وتضمنت ثلاثة إجراءات لتعزيز القدرات الأمنية فى سوريا وحماية المنشآت الروسية ومنع أى هجوم عسكرى خارجى محتمل من جهة البحر. هذه الإجراءات هي: إطلاق تقنيات التشويش الكهرومغناطيسى فى مناطق البحر المتوسط المحاذية لسواحل سوريا، بهدف منع عمل رادارات واتصالات الأقمار الصناعية والطائرات أثناء أى هجوم مستقبلى على سوريا، وتزويد الجيش السورى بمنظومة صواريخ اس 300 (التى كانت موسكو قد جمدت بيعها لسوريا بضغوط إسرائيلية منذ عام 2013)، وتجهيز المراكز القيادية لقوات الدفاع الجوى السورية بنظام للتحكم والمراقبة معمول به لدى الجيش الروسى وحده. وبموازاة ذلك تم إرسال أحدث ما عند الجيش الروسى من أسلحة متطورة جوية وبحرية فبدأت الغواصات النووية الروسية تنتشر فى البحر المتوسط، كما وصلت أكبر مدمرة وبارجة روسية وهى سفينة «ليننجراد» وعلى متنها 2500 صاروخ بحر- جو لا يمكن التشويش عليها لأنها تعمل بتوجيه الأقمار الصناعية، كما تم وضع 12 منظومة دفاع صواريخ من طراز «إس 600» بقاعدة حميميم، ما يعنى استحالة اقتراب أى طائرة لمسافة 500 كم، كما أرسلت أسرابا من طائرات «سو 57» و«سو 35» محملة بصواريخ «كينيتال» التى يصل مداها 2000 كم. حدث كل هذا مع صدور قرارات شديدة الحسم لم يعلن عنها عقب اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومى الروسى برئاسة الرئيس بوتين، وتم إمهال إسرائيل أسبوعاً واحداً للرد على الطلب الروسي: محاكمة ومعاقبة ضباط الطائرات الإسرائيلية الأربع «إف 16» وقائد السرب الذى أطلق هذه الطائرات.

إسرائيل رفضت الطلب الروسى واستنجدت بالولايات المتحدة للتدخل، ودعت بريطانيا إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن رفضت روسيا انعقادها، وجاء الرد حاسماً من نائب رئيس مجلس النواب الروسى ليقول «إن أى شرارة قد تتسبب بها إسرائيل ستعنى أن إسرائيل قد قررت مواجهة الدولة العظمى الأولى فى العالم، وإذا كانت إسرائيل تعتقد أن أمريكا هى الدولة الأولى فى العالم فإننا نبلغها أن جمهورية روسيا الاتحادية هى الدولة الأقوى فى العالم وهى الأولي». من سيتراجع ومن سيتوسط؟ أم أن المحظور يمكن أن يحدث؟.

أسئلة مهمة لم تجد إجابة بعد ليصبح هذا الأسبوع هو الأطول فى تاريخ الشرق الأوسط، وربما الأخطر أيضاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطول أسبوع فى تاريخ الشرق الأوسط أطول أسبوع فى تاريخ الشرق الأوسط



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon