توقيت القاهرة المحلي 13:17:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لاءات إيهود باراك ومستقبل إسرائيل

  مصر اليوم -

لاءات إيهود باراك ومستقبل إسرائيل

بقلم - محمد السعيد إدريس

لم يصدر تعليق واحد من جانب أى فرد من أعضاء الطبقة السياسية الحاكمة فى الكيان الصهيونى رداً على مقطع الفيديو الذى بثته قناة «حداشوت نيوز» الإسرائيلية تضمن تصريحات لـ «نيكى هايلي» رئيسة الوفد الأمريكى بالأمم المتحدة خلال حفل أقامته البعثة الإسرائيلية فى المنظمة الدولية الخميس (6/12/2018) ابتهاجاً بما اعتبره الإسرائيليون والأمريكيون انتصاراً تاريخياً لصالح الكيان الإسرائيلى بالحصول على تأييد 87 دولة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع قانون يدين «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) بسبب إطلاقها صواريخ على دولة الاحتلال. فى هذه المقابلة قالت هايلي: «اتصل بى الرئيس وسألني: (نيكى ما الذى حدث؟!!)». وأكملت، بعد أن شرحت له ما حدث داخل الجمعية العامة وكيف أسقطت الجمعية العامة المشروع الأمريكى رغم حصوله على تأييد 87 دولة، وكيف فلتت حركة «حماس» من هذه الإدانة الدولية، وقالت إن الرئيس قال لها: «ممن يجب أن ننزعج؟.. على من تريديننى أن أصرخ؟.. ومن هم الذين سنأخذ أموالهم؟ّ!». كلام قبيح وفاضح لكنه مر دون أى تعليق إسرائيلي. المؤكد أن معظم هذه الطبقة السياسية الحاكمة فى إسرائيل من مدنيين وعسكريين استمعت إلى أقوال الرئيس الأمريكى التى يؤكد فيها ما سبق أن أفصح عنه من أن السبب الأساسى للوجود العسكرى الأمريكى فى الشرق الأوسط هو «حماية الوجود الإسرائيلي»، وأن سبب دفاعه (ترامب) عن ولى العهد السعودى محمد بن سلمان فى قضية اغتيال الصحفى السعودى جمال خاشقجى هو «حرصه على مصالح إسرائيل». عندما كشف الرئيس الأمريكى عن حقيقة «الحماية الأمريكية» لإسرائيل، التى تفضح عجز دولة الاحتلال الصهيونى عن حماية نفسها، ناهيك عن عدم قدرتها على تهديد الآخرين تفجر الغضب الإسرائيلى ولم يصمت حتى الآن، فهم يريدون أن يعيش العالم أكذوبة بذلوا جهوداً هائلة لترسيخها حول «التفوق العسكرى الإسرائيلى المطلق» على كل دول المنطقة مجتمعة وحول «الردع الإسرائيلى المتفوق»، فى محاولة لفرض إسرائيل «دولة مهيمنة» إقليمية، ولفرض الانكسار والانهزام فى الوعى السياسى والثقافى العربى للقبول بمشروع السلام الإسرائيلى الذى يعنى القضاء على كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ما نقلته نيكى هايلى على لسان ترامب بقدر ما يفضح السياسة الأمريكية وأساليبها غير الأخلاقية فى التعامل مع الدول، بقدر ما يؤكد حقيقة العجز الإسرائيلى عن إقناع المجتمع الدولى لأن يصوت لصالح قرارات تريدها. فلولا الدعم الأمريكى كان من المستحيل أن يحصل مشروع القرار الذى أسقطته الجمعية العامة على كل تلك الأصوات التى حصل عليها.

العجز الإسرائيلى الذى كشفته تصريحات ترامب كما نقلتها نيكى هايلى ليس سياسياً فقط، ولكنه أيضاً عسكري، فقد سبق أن أكد الرئيس الأمريكى نفسه هذه الحقيقة عندما أعلن أن الوجود الأمريكى فى الشرق الأوسط هو لحماية إسرائيل. فالحرب الدعائية الإسرائيلية المكثفة ضد إيران لن تقود، بأى حال من الأحوال إلا حربا، إذا لم تكن مدعومة أمريكياً وعربياً، واستعراضات بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان فى منطقة الحدود مع لبنان حالياً ضمن ما يسميه بعملية «درع الشمال» لن تتجاوز الأعمال الهندسية التى تقوم بها الجرافات لهدم ما يسمونه «أنفاقاً» أقامها «حزب الله»، وأن هذه الأعمال ستبقى محصورة فى شمال فلسطين المحتلة ولن تتجاوزها إلى هدم امتداداتها داخل الأراضى اللبنانية، ولن يخاطر نيتانياهو بالتورط فى حرب مع «حزب الله»، وكل ما يطمح إليه هو افتعال أزمة سياسية داخل لبنان، لدفع الدولة اللبنانية، بقواها السياسية المختلفة، للضغط على «حزب الله» لهدم تلك الأنفاق داخل الأراضى اللبنانية، وحتى هذه المهمة يسعى نيتانياهو إلى الحصول عليها من خلال دعم أمريكى ودولى وعربى للضغط على «حزب الله». هذا يعنى أن إسرائيل باتت عاجزة أيضاً عن خوض معركة سياسية ضد أعدائها، بقدر ما هى عاجزة عن خوض حرب عسكرية ضد هؤلاء الأعداء، وأنها فى الحالتين فى حاجة إلى دعم الحلفاء والأصدقاء، وهذا كله يؤكد أنها لم تعد مهيأة لفرض نفسها قوة إقليمية مهيمنة قادرة على السيطرة وضبط التطورات الإقليمية على النحو الذى تريده. هذه الحقائق ليست جديدة، فقد سبق أن كشفها إيهود باراك، رئيس الحكومة ووزير الحرب الإسرائيلى الأسبق، عقب انتهاء العدوان الإسرائيلى على لبنان فى صيف 2006، فعقب انتهاء هذا العدوان جاء إيهود باراك وزيراً للحرب فى محاولة للململة الهزيمة، واستعادة الثقة للجيش الإسرائيلي، لكن صدمة باراك كانت هائلة مما اكتشفه من حقائق تخص عجز هذا الجيش وتخص الكيان الإسرائيلى كله، أبرزها أن إسرائيل لم تعد قادرة على شن حرب، وليس من مصلحتها أن تتورط فى حرب. من هذا الإدراك خرج باراك بـ «أربعة لاءات إستراتيجية» مازالت تحكم جوهر الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية هي: لا لمبادرة إسرائيلية بشن حرب.. لا لخوض حرب إلا إذا كانت خارج الأراضى الإسرائيلية.. لا لأى حرب طويلة الزمن، ما يعنى أن إسرائيل لا تحتمل الدخول فى حرب مفتوحة الزمن.. ولا للتورط فى أى حرب تهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية. ستبقى إسرائيل أسيرة هذه الـ «لاءات الأربعة» التى استخلصها إيهود باراك لأن الأطراف الأخرى المعادية بات فى مقدورها أن تفرض الحرب على «أرض» إسرائيل، وأن تتحكم فى توقيت انتهائها، وأن تجعل الجبهة الداخلية الإسرائيلية أول من يدفع أثمانها بحكم ما تمتلكه من ترسانة صاروخية قوية ومتطورة، ومن هنا تأتى خطورة ما أفصح عنه الرئيس الأمريكى فى تصريحاته الأخيرة التى أكدت حقيقة أن إسرائيل «محمية أمريكية»، وقد لا تكون هذه الحقيقة هى الأخرى حقيقة جديدة، لكن الجديد هو أن المستقبل لم يعد يؤمِّن لإسرائيل هذه الحماية الأمريكية، فأمريكا أضحت مثقلة بهمومها، ودونالد ترامب، بات مهيأ للرحيل عن البيت الأبيض بعد أقل من عامين من الآن، فى ظل كل ما يواجهه من أزمات داخلية آخرها أنه أصبح من المحتمل أن يمثل أمام المدعى الخاص روبرت مولر المكلف بالتحقيق فى احتمال قيام تنسيق معين بين روسيا وفريق حملة ترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وعندها سيواجه الإسرائيليون السؤال المصيرى الذى يتهربون منه وهو: ما هو مستقبل إسرائيل؟

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لاءات إيهود باراك ومستقبل إسرائيل لاءات إيهود باراك ومستقبل إسرائيل



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon