توقيت القاهرة المحلي 19:07:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فجيعة روسيا مع شركائها فى سوريا

  مصر اليوم -

فجيعة روسيا مع شركائها فى سوريا

بقلم : محمد السعيد إدريس

ربما يعتقد البعض، أن شركاء روسيا فى سوريا هم فقط النظام السورى وإيران وربما تركيا. إسرائيل هى الأخرى شريك لروسيا فى سوريا، ولكنها شريك من نوع مختلف، هناك خريطة مصالح روسية- إسرائيلية مشتركة فى سوريا قوامها القبول الإسرائيلى بتمكين روسيا من فرض مشروعها الذى تريده فى سوريا، مقابل الحيلولة الروسية دون تعريض أمن إسرائيل للخطر من جراء تطورات وتداعيات الأزمة السورية، وفى مقدمة هذه التداعيات تضخم النفوذ السياسى والوجود العسكرى لإيران وحلفائها فى سوريا وهو الأمر الذى ترفضه إسرائيل رفضاً مطلقاً، وبسببه جرى الحديث عن صفقة إسرائيلية مع روسيا برعاية ودعم أمريكيين تكشفت فى قمة بوتين- ترامب فى هلسنكى (يوليو الماضي) تتضمن مقايضة قبول إسرائيل بالتمكين الروسى فى سوريا ولبقاء الرئيس بشار الأسد ضمن معادلة سوريا المستقبلية بإخراج إيران من سوريا. وأيا كانت درجة صدقية هذه الصفقة فإن الإقرار الروسى بوجود قناة اتصال مع إسرائيل لمنع التصادم العسكرى بين البلدين فى الأجواء السورية، يعد تأكيداً لجديتها، وعلى ضوئه اعتادت روسيا أن تغض النظر عن الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية بالطائرات أو بالصواريخ داخل الأراضى السورية، وبالتحديد ضد القوات الإيرانية وحلفائها، وبدت فى بعض الأحداث تعتبر نفسها غير مضطرة إلى التوضيح، لا تلميحاً ولا تصريحاً، إزاء بعض الاعتداءات الإسرائيلية التى تستلزم مواقف روسية محددة خاصة تلك الاعتداءات على مواقع وأهداف عسكرية سورية وليس فقط إيرانية. تأكيداً لذلك جاء التصريح الصادم للسفير الروسى فى إسرائيل الذى أعلن فيه أن بلاده «تعطى أولوية خاصة لأمن إسرائيل»، كما أشار إلى أن «موسكو لن تتدخل لمنع إسرائيل من شن مزيد من الغارات ضد أهداف إيرانية فى العمق السوري»، ومحدداً لموقف رسمى واضح أن بلاده «لا تستطيع أن تملى على إسرائيل كيفية التصرف، وليس من شأن روسيا أن تمنح إسرائيل حرية القيام بأى شىء، أو منعها من القيام بأى شىء». ومن هنا جاء توضيح الجنرال الروسى المتقاعد ميخائيل ايفانشوف مدير الأكاديمية الروسية للقضايا الجيو- سياسية بأن «موسكو عند تنفيذ تعاونها العسكرى مع حلفائها فى سوريا وإيران تأخذ بعين الاعتبار مصالح إسرائيل وأمنها، لأنها تبقى عينها عليها، نظراً لوجود مليون يهودى من أصل روسي».

وإذا كانت روسيا سبق أن صدمت فى الشريك التركى قبل أن يصبح شريكاً معترفاً به من جانب روسيا فى الجهود المشتركة لحل الأزمة السورية عندما أسقطت تركيا طائرة روسية من طراز «سوخوي- 24» على الحدود الشمالية السورية مع تركيا فإنها فجعت مؤخراً فى علاقتها مع إسرائيل عندما اكتشفت، وباعتراف وزارة الدفاع الروسية رسمياً، بأن إسرائيل هى الطرف المسئول عن كارثة سقوط طائرة الاستطلاع الروسية «إيل- 20» قبالة مدينة اللاذقية على السواحل السورية التى راح ضحيتها 15 عسكرياً روسياً. فى البداية حصل ارتباك فى الموقف الروسي، ففى الوقت الذى أعلن فيه الجيش الروسى أن «الطائرة أسقطت بطريق الخطأ من قبل قوات الدفاع الجوى السورية لأن مقاتلات (إف 16) الإسرائيلية التى كانت تقوم بقصف أهداف فى محافظة اللاذقية كانت تختبئ وراء الطائرة الروسية». وحمَّل الجيش الروسى فى بيانه إسرائيل مسئولية سقوط هذه الطائرة فى أثناء تحليقها ليل الاثنين صباح الثلاثاء (17-18/9/2018) بسبب استفزازاتها المعادية وعدم إبلاغها الجانب الروسى مسبقاً بعمليتها التى نفذتها على اللاذقية، ومعتبراً أن «إسرائيل لم تتقيد بالاتفاق الثنائى الروسي- الإسرائيلى حول تفادى الحوادث الخطيرة فى سوريا». جاء موقف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين هادئاً وحريصاً على عدم التصعيد ضد إسرائيل فقد وصف الحادث بأنه «يبدو على الأرجح عبارة عن سلسلة من الظروف المأساوية، لأن طائرة إسرائيلية لم تسقط طائرتنا». بوتين كان فى مأزق أمام الرأى العام الروسي، بين الحليف السورى الذى أسقط، عن طريق الخطأ، الطائرة الروسية، وبين الشريك الإسرائيلى الذى قد يكون مسئولاً مسئولية غير مباشرة عن سقوط هذه الطائرة لعدم التزامه بالقواعد الصارمة للتنسيق المشترك بين البلدين. كان بوتين يحاول تمرير الأزمة أمام شعبه لحسابات كثيرة خاصة مع إسرائيل فى ظروف التوتر الشديد بين روسيا والولايات المتحدة فى سوريا فى ظل المخططات الأمريكية الجديدة لإفشال نجاحات روسيا فى سوريا، لكن بعد صدور تقرير التحقيق الرسمى لوزارة الدفاع الروسية فى الحادث يوم الأحد الماضى (23/9/2018) وبعد الاطلاع على المعلومات الإسرائيلية، وهو التقرير الذى أكد مسئولية إسرائيل عن الحادث سيكون موقف بوتين شديد الحرج ليس فقط أمام الرأى العام الروسى ولكن أيضاً مع الشركاء الآخرين فى سوريا خاصة إيران والنظام السوري. أصبح الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة للرئيس الروسي، وهذه المرة أمام الجيش الروسى وكرامته. فقد حمَّلت وزارة الدفاع الروسية فى بيانها إسرائيل مسئولية إسقاط طائرتها «إيل 20»، واتهمت سلاح الجو الإسرائيلى بتقديم معلومات مضللة للقوات الروسية قبل الغارة التى شنتها على أهداف سورية قرب اللاذقية. فقد أوضح البيان أن إسرائيل اتصلت بروسيا قبل دقيقة واحدة من شن غارتها على منشآت صناعية قرب اللاذقية- غرب سوريا، فى حين أن المعلومات الإسرائيلية تحدثت عن هجوم على مواقع شمال سوريا، ما يعنى أمرين: أولهما أن الطرف الإسرائيلى قام بإخبار القوات الروسية ليس بشكل مسبق بل تزامناً مع بدء الغارات، وثانيهما أن الغارات لم تحدث شمال سوريا كما قالت المعلومات بل غربها عند اللاذقية، وأيضاً عكس تلك المعلومات وهو ما حال دون تمكين قائد الطائرة الروسية من الانسحاب خارج منطقة العمليات حيث كان يوجد واعتبر البيان الروسى أن ما حدث يدل على أن تصرفات المقاتلات الإسرائيلية، تدل إما على عدم مهنيتهم، أو على الأقل على الاستهتار الإجرامي»، واستنتج البيان أن «روسيا تعتبر أن الذنب والمسئولية فى إسقاط الطائرة الروسية يقع تحديداً وبشكل كامل على القوات الجوية الإسرائيلية وعلى هؤلاء الذين اتخذوا قرار تنفيذ مثل هذه العملية». كيف سيتعامل بوتين مع هذه الإدانة الصريحة لإسرائيل من جانب الجيش الروسي. كان موقف بوتين شديد الحسم مع تركيا عندما أسقطت طائرة «السوخوي- 24» فكيف سيتصرف مع إسرائيل بعد تحميلها رسمياً مسئولية تحطم الطائرة «إيل 20» الروسية، أم أن لبوتين حسابات أخرى مع إسرائيل، وكيف سيواصل تحالفه مع طهران ودمشق فى ظل التزاماته بتلك الحسابات؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فجيعة روسيا مع شركائها فى سوريا فجيعة روسيا مع شركائها فى سوريا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:28 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله
  مصر اليوم - قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي

GMT 21:24 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

5 مواقف فتحت النار على سهير رمزي بعد خلع الحجاب

GMT 05:22 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة موضة تقدم نصائح لارتداء فساتين الصيف خلال الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon