توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تسليع» مهرجان الموسيقى العربية

  مصر اليوم -

«تسليع» مهرجان الموسيقى العربية

بقلم: طلعت إسماعيل

لا أحد ينكر دور مهرجان الموسيقى العربية الذى أسسته الراحلة العظيمة الدكتورة رتيبة الحفنى فى الحفاظ على التراث الغنائى العربى من الاندثار، وتقديم الألوان الجادة من الموسيقى والغناء فى ظل انحدار الذوق العام بما يقدم على بعض الشواطئ والمنتجعات والشاشات التى لم تعد تهتم بالقيمة على حساب العوائد المادية، والعمل بنظرية «الجمهور عاوز كده».
هذا العام دخل مهرجان الموسيقى العربية دورته الـ 28، كدوراته السابقة، تحدو القائمون عليه الرغبة فى مواصلة مسيرة عطاء يمكن لها أن تسهم فى صون هويتنا الثقافية، والحفاظ على مفردات يراد لها الاختفاء لصالح من يطلق عليهم «مطربو المهرجانات»، وغيرهم ممن يصيبون متابعيهم بتلوث سمعى يسهم فى المزيد من هبوط الذوق العام، الذى نشتكى منه ليل نهار.
أصوات وقامات كبرى ارتبطت اسماؤها بمهرجان الموسيقى العربية، وشهدت حفلاته من عام لعام صعود نجوم متوهجة قدمت حناجرها عذب الكلمات من ألحان موسيقيين عظام، وبعزف من أرفع المواهب التى عرفها الجمهور المصرى والعربى وشاهدها رأى العين على المسارح التى تستضيف الحدث السنوى.
هذه المقدمة كان لابد منها للدخول فى صلب ما أود الحديث عنه، فبعد أن كان مهرجان الموسيقى العربية فرصة سنوية ينهل منها عشاق الفن الرفيع طربا وألحانا مقابل ثمن رمزى لتذاكر لا يمكن مقارنة أسعارها بحفلات تقام هنا وهناك وتستهدف الترفيه، إن لم يكن التسطيح، ها هو مهرجان الموسيقى العربية ينزلق رويدا رويدا إلى ساحة الأعمال التجارية، والعمل بشعار اللى ممعهوش مايلزموش».
نسى القائمون على مهرجان الموسيقى العربية، وشركاؤهم فى وزارة الثقافة، أن الأعمال الفنية التى تقدم على المسارح المملوكة للدولة، تصنع عقولا ولا تخاطب بطونا، وهى خدمة وليست سلعة تباع فى سوق العرض والطلب، وبما يجعل أسعار بعض التذاكر يتخطى الـ 1300 جنيه فى عدة حفلات اعتمادا على أن أجر المطربين والفرق الموسيقية يستدعى رفع أسعار التذاكر.
طبعا أعلم أن بعض الحواريين من صغار المنتفعين، أو كدابى الزفة، سيسارعون بالرد «أن الأسعار ليست جميعها بهذا الرقم الكبير الذى يقتصر على حفلات دار الأوبرا»، وأن بعض الحفلات التى تقام على المسارح الأخرى ربما لا يصل سعر تذاكرها إلى ربع الرقم الذى أشرت إليه، والحجة أن المسرح الكبير بدار الأوبرا له وضعية خاصة!!
أنا هنا لا أتحدث عن حفلات لفرق باليه أجنبية، أو أعمال أوبرالية كبرى جاءت من وراء البحار، ولكن أناقش الأسباب التى تجعل حفلا للموسيقى العربية مقاما على مسرح مملوك للدولة التى تستهدف نشر الأعمال الفنية الجادة باعتبارها رافدا أساسيا فى بناء العقل الجمعى المصرى، والخروج من دائرة الجهل والتخلف التى تصب فى خيمة التطرف والإرهاب، يصل لأرقام تتجاوز الأجر الشهرى لقطاع كبير من الموظفين.
مسارح الدولة ملك للشعب، خلقت لتقديم خدمة ومنتج ثقافى راق بأسعار فى متناول مختلف الفئات الاجتماعية بلا تمييز، فلا نقول هذا غنى يحصل على الخدمة، وهذا فقير حرمت عليه جنة دخول دار الأوبرا بعد أن تخطت تذاكرها فى بعض حفلات «الموسيقى العربية»، الألف جنيه فى مجتمع يسقط فيه «شهيد التذكرة» تحت عجلات قطار الموت، لأنه لا يملك 70 جنيها.
الحفلات التى تقيمها وزارة الثقافة وعلى مسارحها، لا يجب أن تباع وفقا للمزاد العلنى الذى يرسو فيه العطاء على أعلى سعر.. وإذا كانت الدولة لا تملك أموالا للإنفاق على حفلات كبار النجوم فلا تتورط معهم، وتكتفى بتقديم اجيال جديدة، ربما ظلمها الإعلام الرسمى ولم تأخذ حظها من البروز، وهناك العشرات، إن لم يكن المئات، من هؤلاء الذين ينتظرون فرصة عادلة لعرض مواهبهم الأصيلة.
هذا الكلام لا يقلل من شأن مهرجان الموسيقى العربية الذى يمثل الصناعة الثقيلة فى تشكيل الوجدان المصرى والعربى، غير أن الزحف نحو سباق رفع الأسعار سيصل به إلى محطة الحفلات التجارية التى تستهدف الربح قبل الغناء، ووقتها لا نستبعد أن يعتلى ملوك «أغانى المهرجانات» أمثال «شيكا وميكا» المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تسليع» مهرجان الموسيقى العربية «تسليع» مهرجان الموسيقى العربية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon