توقيت القاهرة المحلي 11:13:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اختبار الحرية والوعى

  مصر اليوم -

اختبار الحرية والوعى

بقلم : طلعت إسماعيل

مصر تواجه تحديات داخلية وخارجية فى غاية الخطورة، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، ومصر لا تزال تحاول الإفلات مما يحاك لها فى ظل إقليم مرتبك يغلفه حزام من نار، وتربص دولى ينتظر فرصة تحقيق مكاسب ربما ترى بعض القوى أنه حان قطافها، هذه أيضا من جملة التحديات التى يدركها صاحب كل عقل، لكن يتنوع الاجتهاد حول كيفية مواجهة تلك الصورة المخيفة.
خرج المصريون فى 25 يناير، فى وجه نظام لم يحقق لهم عدلا اجتماعيا، ولم يعبر بهم إلى أفق سياسى أكثر حرية وانفتاحا على قيم يمكن لها أن تجعل من بلدهم واحدة من القوى الكبرى فى إقليمها على الأقل، تقود ولا تقاد، فقفز إلى قمرة القيادة جماعة أرادت جر السفينة إلى المياه الضحلة الآسنة، قبل أن يخرج المصريون فى 30 يونيو لإطاحتها، وسعيا للوصول إلى الأهداف ذاتها فى العدل والحرية والكرامة الإنسانية.
انتظر المصريون سنوات طويلة للخروج من عنق الزجاجة التى وضعتهم فيها أنظمة وعدت بجلب المن والسلوى فإذا ضيق العيش كان الحصاد المر. تحمل الناس، ولا تزال، بوعى لا يعرفه غير شعب خبر الأيام وترقد تحت جلده قشرة الحضارة التى كانت فجرا للضمير الإنسانى، غير أن ذلك لا يمكن الرهان عليه فى كل الأوقات، خاصة فى ظل المشهد المضطرب الذى يحيط بنا من كل جانب.
والسؤال ماذا يريد المصريون لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من عمر بلادهم؟ وهل ما يتخذ من سياسات يلبى ما يمكن أن يساعد فى التعامل مع الأفخاج والأكمنة المنصوبة لجر مصر إلى وضع لا يحمد عقباه؟
الأجابة بسيطة، وإن كنا ندرك أن التطبيق ليس بذات البساطة.. يريد المصريون نظاما اقتصاديا يضع فى سلم أولوياته تسهيل حياة الفقراء ومحدودى الدخل وغالبية الطبقة المتوسطة التى التهمتها فاتورة الإصلاح الاقتصادى المؤلمة.. يريد المصريون تطبيقا حقيقيا لمفهوم العدالة الاجتماعية فيتحمل من جنوا الثروات، واستحوذوا على خيرات هذا الوطن النصيب الأكبر من تلك الفاتورة.
تريد الطبقة السياسية، من الأحزاب والقوى الوطنية، فتحا للأفق العام، وألا ينظر لأصحاب الرؤى المغايرة لما هو مطروح من سياسات، بعين الشك والريبة.. نعم هناك من خرج عن الصف وجنح للعنف، وهؤلاء ليس لهم فى المعادلة مكان، غير أن هناك من يقدم اجتهادا وطنيا صادقا يستحق الاستماع والالتفات إليه.
ننتظر سياسات تمنع الاحتقان، وتمتص الأصوات الغاضبة التى ارتفع بعضها مؤخرا، ولا نريد أن يكون الحل فى يد أجهزة الأمن التى تتحمل الآن عبئا ثقيلا، لا يجب أن تتحمله وحدها، من دون ظهير شعبى حقيقى، صادق وأمين.
نريد إعلاما يتمتع بهامش واسع من الحرية، والمهنية والمصداقية، وصحافة قوية تفتح الملفات ولا تخشى الاقتراب مما يهم الناس حتى لا تتخطفهم قنوات ووسائط إلكترونية مشبوهة تستغل فراغا لا يمكن أن يملأه الصوت الواحد، ومن بارت تجارتهم فى بيع «الحواوشى» عبر بعض الشاشات.
نريد أن نلمس ونصدق ما طرحته بعض الأصوات التى غابت طويلا، ثم عادت، فى الأيام الأخيرة، عبر شاشات مصرية لتناول ملفات شائكة بطرح جرىء، حتى لا يشكك البعض فى دعوتها إلى تعديل سلم الأولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعة، أو مطالبتها بالإسراع فى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ممن لم تتلوث أيديهم بالعنف والإرهاب، وأن تختفى تهم «نشر الأخبار الكاذبة» التى توجه للمخالفين فى الرأى من التيارات المعروفة بتوجهاتها الوطنية المخلصة.
وأخيرا نريد لملمة النسيج الوطنى واستعادة اللحمة مفقودة، وأن ندرك أن كل معارض للسياسات القائمة ليس عدوا، مع إيمان راسخ بأن حرية الرأى والتعبير هى صمام الأمان فى وجه العواصف والأنواء.. فقوة الأوطان تكمن فى تنوع وتعدد الرؤى المقدمة لحل المشكلات.. ومن قبل ومن بعد يجب أن نضع نصب أعيننا أن مصر تستحق من الجميع تقديم كل التضحيات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختبار الحرية والوعى اختبار الحرية والوعى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا
  مصر اليوم - بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon