بقلم - نيوتن
بما أن كل شىء له وجهان. أميل جداً للنظر للجانب المضىء من كل شىء. رحمة بنفسى على الأقل. هكذا كانت نظرتى للتجربة الاشتراكية. ما أتى به كارل ماركس وإنجلز. أفكار غزت أنحاء العالم. اجتاح روسيا وأوروبا الشرقية. ثم جاءت الصين. أفادت التجربة الإنسانية كثيرا. نعم؛ كان الدرس قاسيا. بعده عرفنا أنه لا يمكن خلق مجتمع مثالى. «يوتوبيا» كما يسمونها. الماركسية فكرة تكاد أن تكون ديانة مثالية. بل خيالية. اعتنقها نصف العالم. كانوا يحلمون بمجتمع تسوده العدالة والمساواة. ثبت أن هذا لا يمكن أن يتحقق. ببساطة لأنه لا يتماشى مع طبيعة البشر. مع ذلك يجب أن ننظر إلى كل من حاول تطبيق هذه التجربة باحترام وامتنان. فهم حاولوا أن يحققوا عالما مثاليا.
أرادت التجربة التعامل مع الإنسان. كما يتعامل الإنسان اليوم مع حظائر الدجاج الحديثة. يتم فيها حقن الدجاج بالهرمونات. للإسراع فى نموها. لذلك نجد دجاج الحظائر الحديثة مختلفا تماما فى تكوينه عن الدجاج التقليدى. تم حرمانه من المرعى الطبيعى. من النشأة التى تتفق ودورة حياته. أصبح دجاجا معمليا.
مثال آخر بيولوجى ـ عضوى هذه المرة: رواية قرأناها فى آخر جلسة حضرتها بنادى الكتاب. «لا تتركنى أذهب». للكاتب الإنجليزى. يابانى الأصل. كازو إيشوجورو. الحائز على نوبل فى الأدب العام الماضى. يتحدث فيها عن بشر. يعيش كل منهم 30 عاما فقط. ثم يموتون ميتة رحيمة. بعدها يتم توزيع أعضائهم على بشر آخرين. مثلما بدأنا فى تصنيع أعضاء بشرية فى المعامل. كما شاعت بيننا زراعة الأعضاء.
عملية بشعة تخلو من الإنسانية والروحانية. فقدنا فيها قيماً كثيرة كانت تميز البشر.
لذلك. المجتمع المثالى يظل هو المجتمع الطبيعى. بأوهامه وروحانياته. بخيره وشره. مجتمع فيه عواطف وخيال وأحلام. فيه طموح وسعى. الإنسان فيه لديه حرية الاختيار. يطمئن إلى العدالة والمساواة. كل هذا لن يتحقق إلا بوجود قانون يُحترم. واضح فيه الثواب والعقاب. يطبق على كل الأفراد. يحافظ على حقوق الجميع. دون استقواء من طرف أو جهة على أى مواطن. دون افتراض وصاية غير مشروعة من أى جهة على الوطن.
اخترعنا جهات سيادية عديدة. ليكن القانون هو الجهة الوحيدة التى تحظى بالسيادة. بعد ذلك يكون لحياة كل مواطن معنى.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع