بقلم-نيوتن
لماذا ظلت صورة ماوتسى تونج مرفوعة فى الميدان السماوى أكبر ميادين الصين حتى اليوم؟ موجودة فى جميع الأماكن الرسمية فى البلاد. مازالت على العملة الصينية؟
الإجابة ببساطة لأنه لم يختلف أحد على مقاصد ماوتسى تونج. لم تنجح وسائله بل أدت إلى مجاعات أودت بحياة الملايين. كذلك ثورته الثقافية راح ضحيتها عشرات الآلاف. لكن تظل المقاصد هى المعيار. من جاء بعده قام بتغيير الوسائل. منذ أقل من شهر احتفلوا بالعام الأربعين للبدء فى التطوير الاقتصادى للصين. كرموا كل من ساهم فى هذا التطوير الذى بدأه «دينج». لكن يظل «ماو»، شئنا أم أبينا، مؤسس الصين الحديثة.
فى تركيا، لماذا ظلت صورة مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الدولة الحديثة، مرفوعة فى الأماكن الرسمية والعامة؟ رغم تغيّر نظام الحكم جزئيا وسيطرة حزب ذى مرجعية إسلامية على الدولة العلمانية.. دولة أرسى مبادئها أتاتورك.
تطورت الأساليب التى اتبعها أتاتورك للنهوض ببلاده. جميعها كانت تستهدف تحقيق مقاصد نبيلة. هذه الأساليب تم تطويرها التزاماً بمقاييس السوق الأوروبية. عندما حدا تركيا أمل فى الانضمام إليها. لذلك ظلت صورة أتاتورك موجودة على العملة التركية أيضا.
هل اختلف أحد على مقاصد عبدالناصر؟ مقاصده التى بشرت بالمساواة بين المواطنين فى الفرص. وفى ضمان الحياة الكريمة. ثم بحياة نيابية سليمة تضمن حكما ديمقراطيا كاملا. لذلك ترفع صورته الجماهير كلما ضاقت بها الأحوال. رغم أن الوسائل خانته فلم يحقق مقاصده.
لم يختلف على مقاصده حتى من كان يحكم مصر قبل ثورة 23 يوليو. من اختلف جاء اختلافه على الوسائل التى استخدمها عبدالناصر لتحقيق تلك المقاصد.
دون مراوغة فعبدالناصر هو مؤسس مصر الجمهورية. بحلوها ومرها. لنعترف بهذا كما كل الدول التى انطلقت لتحقيق مقاصد ثوراتها. حكم مصر عملياً من 1952 إلى يومنا هذا. اختار السادات ليخلفه وكأنه اختار مبارك بالوكالة. رسخ للجيش وضعا مميزا. ذلك كان بديلا لغياب الأحزاب.
النظام الأساسى الذى أرساه ثابت. كان أول من بادر بمراجعة وسائله بعد 67. لكن فى ظل «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» لم يكن الوقت مناسبا لتطبيقات مختلفة.
الرأسمالى إنجلز احتضن كارل ماركس. اقتنع بمقاصده ولكن وسائله لم تكن قد اختبرت بعد.
كثيرون اختلفوا على وسائل عبدالناصر وأنا منهم. هذا حق لهم. ولكن هل هناك من يجرؤ على الاختلاف على مقاصد ثورته؟!.
ما نجح فيه عبدالناصر هو لنا. ما أخطأ فيه يظل أيضا ملكنا حتى لا نكرره.
الوسائل دائماً تبقى رهن عصرها. من يتجاهل مقاصد عبدالناصر. من يتمسك بوسائله دفاعا أو هجوما. فى هذا ظلم كبير لمصر الجمهورية.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع