بقلم-نيوتن
هناك حشود هلَّلت عند حرق الفلاسفة والعلماء أيام عصر التكفير المسيحى فى القرون الوسطى. أخرى فى عهد الرومان. كانت تتجمع فى الكولسويوم. تستمتع وهى تشاهد أسداً يلتهم ضحية بشرية. أنواع من الحشود تُدْعَى لتُهلِّل.
فى المقابل رأينا حشوداً من الجوعى. دفعت إلى قيام الثورة الفرنسية. أخرى صنعت الثورة البلشفية.
لكن ماذا عن الحشود التى مرت علينا فغيرت مساراً؟ نتذكر منها التى خرجت رفضاً لقرار عبدالناصر بالتنحى.
أحياناً تخرج الحشود إلى الشارع بلا قيادة وبلا عقل. مثل «حشود يناير» التى حرّكتها مواقع التواصل الاجتماعى. تجاهلتها الثقة الزائدة لدى الدولة. الفضول هو الذى حرّك هذه الحشود. الشعار الذى رفعته الثورة لم يكن حقيقياً: «عيش. حرية. عدالة اجتماعية». لم يكن أحد يبحث عن خبز. الخبز كان متوفراً. الحرية كانت موجودة فى الجرائد والقنوات ووسائل الإعلام المختلفة. الدليل على توافر الحرية أن كل هذه الحشود وصلت إلى ميدان التحرير. العدالة الاجتماعية مسألة نسبية. موجودة عبر العصور. مطلب مبهم غير مُحدَّد المعالم. من الصعب توصيفه. إذن، كل مَن خرج وصل لميدان التحرير ليحقق فضوله. وهو لا يدرك شيئاً عن سبب خروجه.
الحشود التى خرجت فى 30 يونيو كان هدفها معروفاً. وهو تحرير مصر من مصيبة ألَمَّت بها. لم تخرج أبداً بهدف الاستيلاء على السلطة. بدليل أن الإخوان حصلوا على أكثر من فرصة للتراجع. انتهوا إلى الاحتشاد فى «رابعة». كانت هذه حشوداً من نوع آخر. لم تؤدِّ إلى أى تغيير. فقط نبهت الشعب إلى خطورة هذه الجماعة.
أخيراً، حشود باريس التى نراها الآن. تُذكِّرنا بحشود خرجت تندد بقرارات خفض الدعم فى عهد السادات. السادات تراجع عن هذه القرارات التى كانت مفصلية لإصلاح الاقتصاد المصرى. لولا تراجعه لما عانينا مما نعانيه الآن.
الفارق أن قرار السادات بالتراجع عن تخفيض الدعم كان سريعاً. فلم يسمح للأمور بأن تتطور. فى حين أن «ماكرون» ترك الأمر دون قرار لأكثر من 40 يوماً. فكان ما كان.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع