ربنا ما يحكم على حد، فقد الأولاد، فلذات الأكباد، ثمرات القلوب، من أعظم المصائب، التي تصيب الإنسان في حياته، هي والله نار في الفؤاد، وحرقة في الأكباد، لهذا كان ثواب الصبر على فقدهم عظيمًا، وكان أجره في الميزان ثقيلًا.
فراق الأحباب سقام الألباب، قلبى مع السفيرة «مشيرة خطاب»، في مصابها الأليم، الله يرحم ابنها «محمود»، الذي لقى ربه بعد مرض، ويصبّرها، ويطبطب على قلبها المكلوم من قسوة الفراق.
مصاب السفيرة مشيرة مصابان، الزوج المخلص وعشرة العمر الجميل طيب الذكر «حسين خطاب» رحل قبل أسبوعين وتركها تقاسى مرض نجلها المريض، «محمود»، قرة عينها، حيث لحق بوالده إلى الجنان السماوية ليتركا مشيرة في معية الله ورعايته.
سبحان مَن له الدوام، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: إذا مات ولد العبدقال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدى؟، فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده، فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدى؟، فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدى بيتًا في الجنة، وسموه بيت الحمد«.
ربحتِ مشيرة بيت الحمد، فلا تحزنى، وعد المولى سبحانه وتعالى لمَن فقد ولده، ياااه على فقد الضنا، والضنا غالى، فقد حزين، حزن يقطع نياط القلوب، اللهم صبرك يا الله، اجبر كسرها يا الله، واجعلها من أهل اليمين المبشرين، فلله ما أخذ وأعطى، والحمد لله على كل حال وفى كل حين.
الفراق صعب، يا رب خفف عن عبدتك الطيبة، وطبطب على قلب أمتك الكريمة، وارزقها صبرًا، واحتمالًا، وأعِنْها على البلاء، فليس أقسى من الابتلاء في الولد من بعد الزوج، فقدت مشيرة السند، ربنا يعينها على الحياة.
نعيش ونحيا على أمل حين يحم القضاء، أن يوسدنا الولد التراب بيديه.. راحة، نتمناها قبله، ليس بعده، نتمناه في حياته، لكن مشيئتك سبحانك، تقدر الأقدار:»فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون«.
يا مَن فقدت الولد، عظّم الله لك الأجر، وألهمك الصبر، ورزقك الشكر، وجبر الله كسرك، وعوّضك خيرى الدنيا والآخرة عمّن فقدت.
فقد الأولاد، فلذات الأكباد، ثمرات القلوب، فقد الولد من أعظم المصائب، التي تصيب الإنسان في حياته، هي والله نار في الفؤاد، وحرقة في الأكباد، لهذا كان ثواب الصبر على فقدهم عظيمًا، وأجره في الميزان ثقيلًا، يقول عليه الصلاة والسلام:».. خمس ما أثقلهن في الميزان، لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفى للمرء، فيحتسبه«. صدقتَ يا رسول الله، صلى الله عليك وسلم.
وفى هذا يقول الشاعر الحزين:
»ماذا عساى أن أنثر هنا من كلمات
لتجارى هذه الشجيات المؤلمة
فحروفى حزينة لم تعد تقوى أن أنثرها«
في كتاب»برد الأكباد عند فقد الأولاد«، لمؤلفه»محمد بن عبدالله بن ناصر الدين الدمشقى«، تعزية، طبابة لقلب المكلوم بفقد ولده، فيه الكثير من الأحاديث الشريفة عن الصبر على الابتلاء، وفقد الابن من الابتلاءات التي تُكفر السيئات، ما يغفر الذنوب جميعًا.
توقفت ملِيًّا أمام دموع المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وهو يودع ولده»إبراهيم«، وفى الرواية يقول الحبيب ومثله نقول عند الابتلاء:»إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضى ربنا، وإنّا بفراقك لمحزونون».