«وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» (الأنفال/ ٦١).
اختصر الرئيس السيسى خطاب الردع المصرى فى كلمتين، «محدش يقدر»، وأكمل فى سياق الردع، مصر دولة قوية لا تُمَسّ.. و«متقلقوش» شعب مصر وجيشها عيون ساهرة وقوة جبارة.. فى رباط.
اختصار فى محل إجمال، المختصر المفيد، والرسالة بعلم الوصول، وأقصر الطرق إلى الردع الخط المستقيم، وما عُرفت مصر إلا بالاستقامة، وكما قال الرئيس: «لا غدر ولا خِسّة ولا تآمر ولا انتهازية ولا مصالح..».
خلى بالك من كلمة «مصالح»، التى وردت على لسان الرئيس، كل كلمة تعنى الكثير، ومصر لا ناقة لها ولا جمل فى حرب غزة، فقط تتحمل الغرم صابرة على الأذى، المُسَيَّرات المجهولة تسقط على الحدود، خلاصته، مصر الكبيرة تتعامل بشرف، فى زمن عز فيه الشرف.
خطاب الردع الموجز فى كلمتين «محدش يقدر» صدم دعاة الحرب، والعاملين عليها، فريق التحريض الدولى على توسيع رقعة الحرب لتصير حربًا إقليمية، توطئة للحرب العالمية الثالثة، فريق خليها تولع يعاين خسارته.
صوت العقل المصرى يحكم الموقف، وصوت السلام يعلو فوق كل الأصوات العقورة، مصر لم ولن تسعى لحرب، ووضعت فى طريق عجلات الحرب خطوطًا حمراء مانعة.
ورغم كل السخافات والبذاءات والتقولات، كسبت مصر معركتها الحدودية بصبر وطول بال، مصر لا تنْجَرّ إلى معارك مجانية، والجيش المصرى كما وصفه الرئيس السيسى يملك قوة مصنفة عالميًّا، ولكنها قوة عاقلة ورشيدة.
رشادة القوة من حكمة الموقف المصرى المبنى على معادلة صحيحة بأن ما تحله المفاوضات لا يحتاج إلى الاحتكام للسلاح.
الترحيب الفورى المصرى بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومباركة القيادة فى فعالية «الملتقى والمعرض السنوى للصناعات»، توكيد للموقف المصرى، موقف معتبر عن بصيرة وبُعد نظر.
ثلاثية منطلقات الموقف المصرى تتلخص فى: وقف القصف والاقتتال، وإدخال المساعدات باستدامة وبطاقة تكفى حاجة المُحاصَرين، وإطلاق الرهائن المدنيين توطئة لإيقاف الحرب والجلوس إلى مائدة مفاوضات تسعى إلى حل الدولتين.
ثلاثية مصرية تعمل عليها الدبلوماسية المصرية بدأب وصبر، والقيادة المصرية تحفز العواصم العالمية على إحاطة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالرعاية الضرورية، وصولًا إلى اتفاق (ما بعد الحرب) الذى ينتهى إلى معادلة سلامية تنعم بها شعوب المنطقة بعد طول شقاء.
ثلاثية مصر قاعدة أساس لوقف إطلاق النار، وهو حدث لو تعلمون عظيم، إذا سكتت المدافع مُدَّت الطاولات، وتفاعلت الحوارات، المعادلة المصرية تحزم الحرب وتمنع اتساع رقعتها، وتلجم القصف، وتلزم المعتدين مواقعهم، وتقطع الطريق على دعاة الحرب.
قوة الردع المصرية «محدش يقدر» تترجم فى الجوار جيدًا، واللى يقرّب من الحدود يجرّب، ومحورية الدور المصرى فى الوساطة وعدالته ومنطلقاته السلمية محل اعتبار، وإذا تحدث الرئيس المصرى أصاخ العالم السمع، هذا رجل يزن مواقفه بميزان الذهب متسلحًا بالشرف، فى زمن عز فيه الشرف.
سياسة الخطوط الحمراء ستنتج آثارها عاجلًا، بردًا وسلامًا على الفلسطينيين، ومعركة السلام تاليًا أشد ضراوة، وتحتاج إلى رعاية دولية توفر الضمانات لتقريب المسافات بين الأعداء ليصيروا شركاء.