بقلم - حمدي رزق
المحاكمة العاجلة لـ«مستريح أسوان»، التى بدأت أمس الأول، مفروض توفر ردعا لكل من تسول له نفسه النصب على البسطاء، والمحاكمة علنية وتحظى بتغطيات واسعة، لعل وعسى تصل الرسالة إلى البسطاء، لا تضع أموالك فى جراب الحاوى، هؤلاء حواة، شغل الثلاث ورقات، نصابون، يجولون بعدة النصب على الكفور والقرى يغازلون العاطفة الدينية، ويزغللون أعين البسطاء بأرباح خيالية لا تستقيم منطقا، لكن الطمع يعمى العينين عن الحقيقة المرة.
معلوم شعبيًا: «طمعنجى بنى له بيت.. فلسنجى سكن له فيه»، ورغم كثرة الأمثال الشعبية المحذرة من النصب والنصابين، هناك من يقع فى الفخ طمعا فى أرباح موهومة، ويسقط من حالق فى مصيدة «النصابين الجدد»، من أطلق عليهم وصفا لقب «المستريحين».
حرت، واحتار دليلى فى تقفى وصف «المستريح»، وهو وصف ذو دلالة على المكسب السهل، بدغدغة أطماع البعض فى مكسب ضخم وسريع، وعدة الشغل بسيطة، كلام معسول وأرباح طائلة فى مدة زمنية قصيرة بحجة التجارة الحلال، بالضرورة أكثر ربحية من عوائد البنوك على ارتفاعها (من ١٨ إلى ٢٠ فى المائة)!.
الحكمة الشائعة تقول: «طول ما الطماع موجود النصاب دايما بخير»، وصحيح الطمع يقل ما جمع، وهذا مصير كل من سقطوا فى شباك المستريحين، الطمع فى ربحية سهلة وسريعة، الطمع ينتهى بمأساة شهدنا فصولا منها من أسوان إلى الجيزة مرورا ببقية المحافظات، أقله ١٠ مستريحين سقطوا فى الشهور الأخيرة.
كوميديا سوداء، ورغم سوداوية المشهد، هناك فرص لاتزال سانحة لظهور مستريحين جدد، وعمليات نصب جديدة بالملايين، لا أحد قط يتعظ، ولا يرى رأس الذئب الطائر!.
فى المنطوق الشعبى: «مال الكنزى للنزهى»، والمستريح عادة نزهى، يتمتع بأموال البسطاء بعد سلبها نصبا، وفى الأخير يبلغ فرارا، والشرطة تلاحقه وتسقطه بعد جهد جهيد.
ظاهرة المستريح تحيلك لظاهرة عمت البلاد قبلا: «شركات توظيف الأموال»، نفس الفكرة، بنفس الأدوات، تطابق، نصاب ينصب كمينا لطماع يسلبه كل ما يملك رضائيا، طوعا، مستخدما كل فنون الخداع البصرى، ومتسترا بشكلانية دينية، يغازل فكرة الكسب الحلال، ولها مفعول السحر عند البسطاء.
الأرضية التى يتحرك عليها المستريحون خصبة، الفتاوى التى تحرم التعاملات البنكية مستدامة وشائعة، والبنوك لم تبذل الجهد الكافى ولم تتوفر على تفنيد هذه الفتاوى التى تعوق الادخار.
القضية ليست فى نسبة الفائدة، هى مرتفعة بنكيا ومرضية، لكن تحريم التعاملات البنكية، ورغم الجهد، الفتوى من المؤسسة الدينية (الأزهر والإفتاء والأوقاف) لتبديد الشكوك حول الفوائد البنكية، إلا أن العقل الشعبى لم يغادر بعد خانة حرمة فوائد البنوك.
يقينا بعد استفحال الظاهرة، مستوجب حملة تنويرية يؤمها شيوخ ثقات، ذوو مصداقية، وشعبية لدحض هذه الأفكار التى رسخت فى بعض العقول، وتغذيها ماكينة فقهية معادية لكل ما هو بنكى.. حتى لو كانت شهادات بفائدة ٢٠٪!!.