بقلم - حمدي رزق
للأفكار الانتحارية أسباب عديدة، فى أغلب الأحيان، تكون الأفكار الانتحارية نتيجة شعورك بعدم إمكانية التعامل عندما تواجه ما يبدو أنه موقف مُربك فى الحياة.. إذا لم يكن لديك أمل فى المستقبل، فقد تعتقد على سبيل الخطأ أن الانتحار هو الحل. قد تواجه نوعًا من ضيق الأفق، حيث تعتقد فى منتصف الأزمة أن الانتحار هو السبيل الوحيد للخروج منها.
قد يكون هناك أيضًا رابط وراثى للانتحار، تكون احتمالية وجود تاريخ عائلى من الانتحار أكبر لدى الأشخاص الذين يكملون الانتحار أو الذين لديهم أفكار أو سلوكيات انتحارية (من تشخيص مايو كلينك الأمريكية).
كنت أتخيل من الخيال المحلق أن يستمع مجلس الشيوخ لطبيب نفسانى قبل مناقشة المادة (١٣) من مواد مشروع «قانون التأمين الموحد» المقدم من الحكومة، والمعنية بأيلولة تأمين المنتحر على حياته لدى شركة التأمين.
تحديدًا (الفقرة الثالثة) من المادة (١٣) التى تنص على أنه «إذا اشتملت وثيقة التأمين على شرط يُلزم شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين، ولو كان انتحار الشخص عن اختيار وإدراك، فلا يكون هذا الشرط نافذًا إلا إذا وقع الانتحار بعد سنتين من تاريخ العقد».
لافت تمسك (ممثل الحكومة) بنص الفقرة، ورفضه اقتراح النائب «أحمد شعبان»، عن « حزب التجمع »، ومبرر الحكومة «أن المادة فى فقرتها ليست (إلزامية)، ولكنها (توافقية) بين الطرفين، لأنه من غير المتصور أن يفكر إنسان فى الانتحار وينفذه بعد عامين لأن الإقدام على الانتحار لا يحتاج إلى تفكير».
ووافق المجلس على النص المقدم من الحكومة، وتنص (المادة 13) على أن «تبرأ ذمة (شركة التأمين) من التزاماتها بدفع مبلغ التأمين إذا انتحر الشخص المؤمَّن على حياته، ومع ذلك تلتزم الشركة بأن تدفع لمَن يؤول إليهم الحق مبلغًا يساوى نصيبه فى قيمة الاحتياطى الحسابى للتأمين، فإذا كان سبب الانتحار مرضًا أفقد المريض إرادته، بقى التزام شركة التأمين قائمًا بأكمله، وعلى الشركة المؤمِّنة أن تثبت أن المؤمَّن على حياته مات منتحرًا، وعلى المستفيد أن يثبت أن المؤمَّن على حياته كان وقت انتحاره فاقد الإرادة، وإذا اشتملت وثيقة التأمين على شرط يُلزم شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين ولو كان انتحار الشخص عن اختيار وإدراك، فلا يكون هذا الشرط نافذًا إلا إذا وقع الانتحار بعد سنتين من تاريخ العقد».
حسب فهمى، الانتحار ليس اختيارًا، ومن يقرر الانتحار يقينًا فقد القدرة على التمييز والإدراك، ودخل ظلمة نفسية رهيبة، فالإرادة هنا مغيبة تمامًا، ولا يُتصور عقلًا أن ينتحر شخص بنية الاحتيال على شركة التأمين.. إلا إذا.. وهذه يحددها طبيب نفسانى وليس شيخًا من شيوخ مجلس الشيوخ إلا إذا كان طبيبًا نفسيًا، ولربما بين شيوخنا الأجلاء من هو تخصص نفسى!!.
مراجعة هذه الفقرة من المادة تحتاج إلى متخصصين نفسانيين، ومستوجب لكى تستقيم مادة الأيلولة الإلمام بالأعراض والأسباب التى تدفع إلى الانتحار، وقولى هذا مبنى على قاعدة قرآنية ثابتة نصًا: «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ» (فاطر/ ١٨)، ما ذنب أولاد وزوجة وأسرة المنتحر، كفى فجيعتهم، حتى لا يكون انتحارًا وخراب ديار!!.