بقلم - حمدي رزق
لن أحدثكم عن أرباحها السنوية، ولا عن أسعار منتجاتها المعلنة.. ورغم تحقيق عوائد وأرباح هائلة طوال العام الجارى، قررت الشركة (نتحفظ على ذكر اسمها) رفع أسعار منتجاتها مجددًا دون إبداء الأسباب، علمًا بأن هذه الشركة تحديدًا تصدرت مبادرة تخفيض الأسعار بين الحكومة والتجار!.
من حسنات المقاطعة الوطنية للعلامات التجارية الداعمة لجيش الاحتلال الإسرائيلى فتح السوق واسعا أمام الشركات الوطنية لتزيد من إنتاجها، وتحسن من جودة منتجاتها، وتتمدد فى السوق البراح لتغطى الطلب المتزايد على منتجاتها، الذى لم تطلبه، ولم تسعَ إليه، ولم تحشد قواها التسويقية لتحقيقه، هبط عليها كمائدة من السماء.
وكان يحدونا الأمل أن تنتهز هذه الشركات بروح وطنية الفرصة التى سنحت لضخ استثمارات جديدة، وفتح عنابر فى مصانع، وفروع فى متاجر، وتنتعش إنتاجيًا، وتوفر فرص عمل تعوض الفرص الضائعة علينا بفعل المقاطعة.
وجاءت لها الفرصة على طبق من فضة لتمدد قدميها فى السوق.. لكن للأسف تمدد قدميها فى وجوهنا، وتعاقب المقاطعين، وبدلا من شكر المستهلكين، وتبرّ بتعهداتها للحكومة، كعادتها نكصت على عقبيها وعمدت إلى رفع الأسعار دون إبداء الأسباب.
ومثلما عمدت هذه (الشركة) ذات الرائحة الإخوانية الفجة إلى رفع أسعار منتجاتها، ذهبت بعض الشركات الأخرى تواليا، فى منحى استغلالى بشع، إلى زيادة أسعار منتجاتها، فعلًا اللى فيه داء..
وكأن الشركات تعاقب المستهلكين الوطنيين على تفضيلاتهم المنتجات الوطنية. المقاطعة أتاحت لهذه الشركات فرصًا تسويقية وترويجية ما كانت تحلم بها.. تخيل، المقاطعون تولوا ترويج صور هذه المنتجات محلية الصنع نكاية فى المنتجات الأجنبية وبروح وطنية.. «لاجل الورد يتسقى العليق!».
الزيادات الجديدة تترجم ضمن ألاعيب السوق الرخيصة، تترجم تملصًا والتفافًا على تفاهمات حكومية مع الغرف التجارية وكبرى الشركات المنتجة ضمن مبادرة خفض الأسعار.
وكأن هذه الشركات تخرج لسانها للمستهلكين والحكومة معا، وتستبيح السوق، التى مهّدتها وعبّدتها المقاطعة الوطنية دون تبصر بمآلات المقاطعة العشوائية، وقد حذرنا مرارا منها وتأثيراتها العكسية.
مثل هذه الشركات التى ترفع الأسعار من عندياتها دون حسيب ولا رقيب ولا مراجعة سعرية على الكلفة الحقيقية شركات تستحق المقاطعة، عقابًا على سلوكها الاستغلالى الذى لا يرعوى لظرف اقتصادى ضاغط، استغلالًا لحاجة المستهلكين المتزايدة، بعد أن أحدثت المقاطعة آثارها، وقلصت الشركات ذات العلامات الأجنبية من إنتاجها، وسرّحت عمالتها، وتكاد تغلق أبوابها.
وثبت أن المقاطعة سلاح ذو حدين، إذا أُحسن استخدامه كان إيجابيا ويعكس أثره على السوق، ولكن فى حالتنا هناك من استباح المقاطعة ليغل الملايين من دم الشعب، ومستوجب شهر سلاح المقاطعة فى وجهه، والدعوة لمقاطعة أى سلعة تزيد أسعارها فى ظل المقاطعة للسلع الأجنبية.
لو المقاطعة لها عقل وقيادة حكيمة، لعاقبت هذه الشركات المستغلة، التى لا تقل قبحًا عن الشركات التى يقال إنها تدعم الاحتلال سواءً بسواء